العلماء الروس يكتشفون فيروسات عملاقة في القطب الشمالي
القاهرة: هاني كمال الدين
في إطار بعثة “جامعة القطب الشمالي العائمة”، تمكن العلماء من الحصول على عينات فريدة من جزر المحيط المتجمد الشمالي، محققين نتائج أولية مذهلة في المختبرات. كشفت الأبحاث عن فيروسات عملاقة يفوق حجمها الفيروسات العادية بثلاثين ضعفًا. على سبيل المثال، يبلغ حجم فيريونات فيروس SARS-CoV-2، المسبب لجائحة كورونا، ما بين 50 و200 نانومتر، بينما يصل طول الفيروس العملاق المكتشف في التربة الدائمة التجمد في ياكوتيا إلى 1500 نانومتر، مما يجعله مرئيًا باستخدام المجهر الضوئي العادي.
تتميز هذه الفيروسات العملاقة بجينوم معقد للغاية، يختلف عن الجينات الموجودة في معظم الفيروسات الأخرى. ويعدّ هذا المجال من الأبحاث، الذي انطلق حديثًا نسبيًا، من بين أبرز المواضيع التي تثير اهتمام علماء الأحياء الدقيقة حول العالم.
في عام 2024، نفذ باحثو “جامعة القطب الشمالي العائمة” أول دراسة من نوعها في روسيا والعالم للبحث عن فيروسات عملاقة في المناطق الشمالية المرتفعة من القطب الشمالي، وتحديدًا في أرخبيلات جزيرة فرانز جوزيف ونوفايا زيمليا.
أهمية الاكتشافات ودور البيئة القطبية
صرح الدكتور أرتيمي غونتشاروف، المتخصص في علوم الطب والباحث بمعهد الطب التجريبي، بأن هذه الدراسات قد تفتح أفقًا جديدًا في علم الأحياء. وأوضح قائلاً: “نعتقد أن النظم البيئية القطبية قد تحمل أنواعًا فريدة من هذه الفيروسات، مما يجعلها منطقة بحث واعدة”.
وكانت فيروسات عملاقة قد عُثر عليها سابقًا في بقايا حيوانات متحجرة محفوظة في التجمد الدائم بياكوتيا، حيث يعود عمر بعضها لأكثر من 30 ألف عام. وما يزال مصدر هذه الفيروسات وآلية تطورها غامضين، فضلًا عن احتمالية خطورتها على البشر، وهو ما جعلها محور أبحاث مكثفة.
تفاصيل البعثة العلمية
أجريت البعثة العلمية “جامعة القطب الشمالي العائمة” خلال فصل الصيف على متن سفينة الأبحاث “البروفيسور مولتشانوف”. تمكن فريق الباحثين، بقيادة أرتيمي غونتشاروف وزميله الشاب إيفان غورخوف، من جمع عينات نادرة من بيئات يصعب الوصول إليها في الجزر القطبية. تضمنت هذه العينات تربة من الأسواق الحيوانية للطيور، التربة المتجمدة، المياه البحرية ومياه البحيرات، إلى جانب آثار الأنشطة الحيوية للحيوانات القطبية.
يعتمد نهج الجامعة العائمة على مبدأ “التعلم من خلال البحث”، حيث يشارك الشباب الباحثون في مشاريع علمية حقيقية تحت إشراف متخصصين ذوي خبرة. شارك إيفان غورخوف في أول رحلة له إلى القطب الشمالي، مما قد يتيح له المساهمة في اكتشافات علمية هامة.
النتائج الأولية والتحليل المخبري
بعد انتهاء الرحلة، يتم تحليل العينات في مختبرات سانت بطرسبرغ، حيث يقوم الميكروبيولوجيون باستخلاص الحمض النووي الكامل من العينات. ثم تُجرى عمليات التسلسل الجيني لاكتشاف وجود جينومات الفيروسات. وكشف الدكتور غونتشاروف عن النتائج الأولية قائلاً: “وجدنا تسلسلات الحمض النووي لهذه الفيروسات في التربة التي جُمعت من أسواق الطيور في أرخبيل فرانز جوزيف”.
معلومات عن بعثة “جامعة القطب الشمالي العائمة”
تُعد بعثة “جامعة القطب الشمالي العائمة” مبادرة علمية وتعليمية، أطلقتها جامعة القطب الشمالي الفيدرالية ومصلحة الأرصاد الجوية والمراقبة البيئية الشمالية منذ عام 2012. وقد حصلت البعثة على جائزة “البوصلة البلورية” من الجمعية الجغرافية الروسية.
انعقدت بعثة عام 2024 بدعم من وزارة العلوم والتعليم العالي في روسيا، وحكومة مقاطعة أرخانغلسك، والجمعية الجغرافية الروسية، وشركة “نوريلسك نيكل”، والهيئة الوطنية للمتنزهات الطبيعية في القطب الشمالي، وغيرها من الهيئات العلمية والتعليمية.
يتواصل العمل على تحليل العينات ومتابعة النتائج، مع توقع أن تسهم هذه الأبحاث في إثراء المعرفة العلمية وتسليط الضوء على أسرار البيئة القطبية ودورها في احتضان هذه الكائنات الفريدة.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر