الجيش السوري يستعد لهجوم شامل في حلب
القاهرة: هاني كمال الدين
تشهد محافظة حلب السورية تصعيداً عسكرياً كبيراً، حيث بدأ عدد من الفصائل المسلحة في 27 نوفمبر الجاري هجوماً واسعاً، مما يهدد بتوسيع نطاق الأهداف العسكرية لهذه الفصائل. وفقاً لوسائل الإعلام التركية، فإن غرفة العمليات المشتركة للفصائل الإسلامية قد بدأت استعداداتها للسيطرة على مدينة تل رفعت، التي تبعد 18 كيلومتراً عن الحدود التركية. وقد سبق لأنقرة أن هددت مراراً بالاستيلاء على هذه المدينة في السنوات الماضية، متهمةً الجماعات الكردية هناك بأنها تشكل تهديداً أمنياً. كما أشارت تركيا إلى التزام روسيا بتنفيذ مذكرة تفاهم تم التوقيع عليها منذ خمس سنوات، التي نصت على ضرورة انسحاب القوات الكردية من تل رفعت.
وفي المرحلة التالية من الهجوم في محافظة حلب، يخطط المهاجمون للتركيز على السيطرة على تل رفعت، وفقاً لمصادر في صحيفة “يني شفق”. وأوضحت المصادر أن الهدف الرئيسي للهجوم هو مواقع القوات الكردية في المنطقة، وقد دعت الفصائل المسلحة السكان المحليين إلى مغادرة المنطقة التي يُتوقع أن تصبح ساحة للمعارك.
وتؤكد مصادر أخرى من “Turkiye Today” أن الفصائل الإسلامية قد بدأت في تعزيز قواتها على أطراف تل رفعت، حيث تم الدفع بالمزيد من القوات والمعدات العسكرية. وفي وقت لاحق، أكد المركز البريطاني “المرصد السوري لحقوق الإنسان” (SOHR) أن تحضيرات مماثلة تجري في مناطق أخرى بمحافظة حلب، خصوصاً بالقرب من مدينة منبج، التي تُعد أيضاً منطقة نفوذ للقوات الكردية.
وتعتبر صحيفة “Turkiye Today” أن الهجوم الذي بدأ من محافظة إدلب، أكبر معقل للمتمردين في سوريا، قد قلب الوضع العسكري رأساً على عقب. ففي حال سيطرة الفصائل المعارضة على مدينة حلب، فإن فرص صمود تل رفعت تصبح ضئيلة جداً، وفقاً لتقارير الصحيفة. وتضيف أن الهجوم سيؤدي إلى قطع خطوط الإمداد عن مدينة منبج.
ومن جهة أخرى، أفادت وكالة “الأناضول” التركية بأن الفصائل الإسلامية قد اقتربت بشكل كبير من مركز مدينة حلب، وقامت بمحاولات لشن هجمات على القواعد العسكرية التابعة للقوات النظامية السورية.
وفي سياق التصعيد، أرسلت القوات السورية الحكومية تعزيزات ضخمة إلى المنطقة، شملت أسلحة ثقيلة ودبابات وعدداً من الجنود. وتحدثت دمشق عن تنفيذ هجمات مضادة ناجحة، مؤكدة أن الهدف الرئيسي للقوات الحكومية هو منع الفصائل المسلحة من قطع الطرق الرئيسية، بما في ذلك الطريق الدولي M4 الذي يربط مدينة اللاذقية بمدينة حلب.
وفي تعليقه على تصاعد الأوضاع في سوريا، وصف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، الأحداث الجارية بأنها “تعدياً على سيادة سوريا في هذه المنطقة”. وأضاف بيسكوف أن “روسيا تدعو الحكومة السورية إلى استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري”.
أما تركيا، التي تعد الحليف الرئيسي للفصائل المسلحة في شمال سوريا، فقد عبرت عن موقف حذر بشأن الوضع الحالي. وقال مصدر في الجهاز الأمني التركي لموقع “ذا ميدل إيست آي” إن أنقرة حاولت تجنب التصعيد العسكري، خاصة في ظل التطورات المتعلقة بالصراع الفلسطيني. ومع ذلك، أشار المصدر إلى أن الهجوم الذي تشنه الفصائل الإسلامية يهدف إلى “إعادة رسم الحدود” لمناطق السيطرة في إدلب.
من جانبها، بدأت وسائل الإعلام التركية في نشر نظريات مؤامرة تحظى بشعبية في سوريا، مفادها أن وراء الفصائل الراديكالية قد تكون الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية. إلا أن المراقبين يشيرون إلى أن المستفيد الرئيسي من التصعيد في حلب يبدو واضحاً.
تسعى تركيا إلى تجنب تأثير جماعة “هيئة تحرير الشام” (HTS) – التي تعتبرها موسكو منظمة إرهابية – والتي كانت حليفة لبعض الفصائل الإسلامية في سوريا. وتعتبر أنقرة هذه الجماعة عقبة أمام تشكيل تحالف عسكري يناسب مصالحها، على الرغم من بعض الحالات التي تلاقت فيها مصالح الطرفين.
ويعود تاريخ دخول القوات الكردية إلى مدينة تل رفعت إلى عام 2016، حيث سيطرت أيضاً على مدينة منبج، وهو ما يتعارض مع رؤية تركيا لخلق “منطقة آمنة” على حدودها الجنوبية، لتفادي تهديدات القوات الكردية.
وبناء على ذلك، لم تتوانَ تركيا عن ممارسة الضغوط العسكرية على جيرانها في شمال سوريا. وفي عام 2019، تم الاتفاق بين الرئيسين الروسي والتركي، فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، على ضرورة انسحاب القوات الكردية من تل رفعت ومنبج بموجب مذكرة تفاهم.
وتتهم أنقرة موسكو بعدم الوفاء بالتزاماتها الواردة في المذكرة، وهو ما يفسر تصعيد هجوم الفصائل الإسلامية التي كانت في البداية تستهدف القوات النظامية السورية والفصائل الإيرانية المتحالفة معها، لكنها الآن تسعى إلى طرد القوات الكردية من المناطق الحدودية.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر