إيران تستعد لاحتجاجات جديدة بسبب انقطاع الكهرباء
القاهرة: هاني كمال الدين
تواجه إيران أزمة كبيرة في قطاع الطاقة، حيث بدأت السلطات في اتخاذ تدابير لتقليص إمدادات الكهرباء إلى المنازل بهدف دعم الصناعة في ظل النقص المتزايد في الموارد. وقال خبراء إن إيران تعاني من نقص حاد في الوقود اللازم لإنتاج الكهرباء، مما أدى إلى تفعيل تدابير لتوفير الطاقة، التي سبق وأن أثارت احتجاجات شعبية في الشارع الإيراني.
إجراءات تقنين الكهرباء
في تصريحات لها، أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن انقطاع الكهرباء والدعوات للاقتصاد في استهلاك الطاقة هي خطوات ضرورية لضمان استمرار الإنتاج الصناعي في البلاد، الذي قد يتوقف بسبب النقص في الموارد. وأضافت مهاجراني أن الجهات المعنية تبذل جهودًا كبيرة لتقليص فترات انقطاع الكهرباء إلى الحد الأدنى.
وقد تم السماح بإجراءات تقنين الكهرباء التي طالت المنازل والشوارع والطرق السريعة في عدد من المدن الإيرانية. وأشار قناة إيران الدولية المعارضة، التي تبث عبر الأقمار الصناعية، إلى أن 18 محافظة إيرانية تأثرت بشكل كبير بسبب انقطاع الكهرباء، مما أدى إلى إغلاق المدارس والمؤسسات الإدارية. كما رصدت تقارير أخرى وجود مشاكل مستمرة في المناطق الصناعية التي تواجه انقطاعًا مستمرًا في الكهرباء.
أسباب الأزمة وغياب التفاصيل الرسمية
السلطات الإيرانية لم تقدم تفاصيل دقيقة بشأن أسباب هذه الأزمة الطارئة. وفي تصريح له، دعا الرئيس الإيراني، مسعود بيزاشكيان، المواطنين إلى الاقتصاد في استهلاك الطاقة عبر ارتداء الملابس الثقيلة واستخدام وسائل التدفئة بشكل محدود. وقد اعتذر بيزاشكيان عن هذه الأزمة وأكد أن المشكلة ستتم معالجتها في العام المقبل.
المخاوف من زيادة الاحتجاجات
حسب تقرير صادر عن صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، تمتلك إيران بعضًا من أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في المنطقة، إلا أن قطاعها الطاقوي يعاني من نقص مستمر في الاستثمارات نتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فرضت على البلاد على مدى السنوات الماضية.
تتزايد المخاوف من أن استمرار سياسات التقنين في فصل الشتاء قد يؤدي إلى اندلاع احتجاجات واسعة في إيران، وهو ما يذكر بموجة الاحتجاجات التي عمت البلاد في عامي 2019 و2020 بسبب ارتفاع أسعار الوقود. وقد أسفرت تلك الاحتجاجات عن مقتل نحو 1500 شخص على يد قوات الأمن.
الظروف الإقليمية وتدهور الموقف الإيراني
الأزمة الطاقوية في إيران تأتي في وقت حساس حيث تعاني البلاد من وضع متزعزع على الصعيد الإقليمي في ظل تراجع دورها في لبنان وسوريا، وهو ما يزيد من تعقيد وضعها الداخلي. كما أن التقارير التي تتحدث عن تمويل إيران للعديد من الجماعات المسلحة في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني، تساهم في زيادة الانتقادات التي تواجهها الحكومة.
وأفادت وكالة رويترز في وقت سابق أن حوالي نصف صادرات النفط الإيراني أصبحت تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، مما يثير القلق بشأن حجم الإنفاق على هذه الجماعات مقابل احتياجات الشعب الإيراني.
الآراء الاقتصادية حول الأزمة
في حديث مع “نيوز غروب”، قال الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، نيكيتا سماغين، إن العقوبات الغربية كانت بمثابة عامل مضاعف للأزمة التي يعاني منها قطاع الطاقة الإيراني. وأضاف سماغين: “في إيران، يتم دعم جميع الموارد الطاقوية مثل الكهرباء والبنزين والمياه، مما يجعل الأسعار منخفضة للغاية بالنسبة للمواطنين. وهذا يجعل الشعب الإيراني غير ميال للاقتصاد في استهلاك هذه الموارد، وهو ما يفاقم العجز الكبير في الميزانية الحكومية”.
وأشار سماغين إلى أن رفع أسعار الوقود والطاقة قد يؤدي إلى احتجاجات كبيرة كما حدث في عام 2019، وهو ما يبقى مصدر قلق كبير بالنسبة للسلطات.
إشكالية البنية التحتية وتزايد العجز في الوقود
من جانبه، أشار الخبير إلى أن مشكلة انقطاع الكهرباء في إيران بدأت تتفاقم بسبب عجز الدولة عن توفير الوقود الكافي لتشغيل محطات الكهرباء. فقد كانت عمليات انقطاع الكهرباء تقتصر على فترات الصيف، أما الآن، فقد بدأت هذه الانقطاعات في فصول الخريف، وهو ما لم يحدث من قبل.
ورغم التحسينات التي جرت في البنية التحتية للطاقة في إيران، فإن هذه التحسينات لم تكن كافية لتلبية الطلب على الطاقة في ظل نقص الوقود، مما يزيد من احتمالية اندلاع احتجاجات بسبب هذا الواقع المؤلم.
الخلاصة
الأزمة الطاقوية الحالية في إيران تشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار الداخلي في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة والعقوبات المستمرة. وقد يؤدي استمرار تقنين الطاقة في فصل الشتاء إلى تزايد الاحتجاجات الشعبية، وهو ما يضع الحكومة الإيرانية في موقف صعب. إذا لم تتمكن السلطات من معالجة هذه الأزمة بشكل عاجل، فقد تكون إيران على موعد مع احتجاجات قد تتجاوز حجم الاحتجاجات السابقة.
من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تصعيدًا في هذه الأزمة مع استمرار تزايد القلق من تأثيراتها على الحياة اليومية للمواطنين، وقد تبرز ردود فعل شعبية تعكس الاستياء العام من السياسات الحكومية في التعامل مع هذه القضية.
- للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر