كيف تتأثر الصناعات الخليجية بالثورة الرابعة؟
كيف تتأثر الصناعات الخليجية بالثورة الرابعة؟
تقود التكنولوجيا تحولًا ملحوظًا في القطاع الصناعي في منطقة الخليج. ومع الاتجاه المتزايد نحو اعتماد التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات – فيما سمي بالثورة الصناعية الرابعة – أصبح القطاع أكثر ترابطا من ذي قبل، مع ميزات واضحة للأتمتة القائمة على معالجة البيانات.
ولا يؤدي مثل هذا التحول إلى تعزيز الكفاءة فحسب، بل لديه القدرة على المساهمة بشكل فعال في دعم جهود التنويع الاقتصادي في المنطقة، ورفع القدرة التنافسية للمنطقة في الصناعة، وخلق فرص العمل، وحتى تغيير النمط الاقتصادي للمنطقة بأكملها.
كما تزايدت في الآونة الأخيرة أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي للخليج، الواقع في قلب العالم بين أوروبا من جهة، وآسيا من جهة أخرى، والقارة الإفريقية من جهة ثالثة، باعتباره مركزاً عالمياً الصناعات.
وينعكس تأثير ذلك في شركات مثل «بي إف جي إنترناشيونال» في البحرين، أو «أكوا كيمي» في الإمارات، التي زادت أهميتها كلاعبين عالميين، إلى جانب شركات عالمية مثل «مونديليز» و«هانيويل» التي تتواجد باستمرار زيادة حجم استثماراتها في المنطقة. ونتيجة لهذا التقدم، نما القطاع الصناعي في البحرين بنسبة 4.9% في العام 2022، في حين ارتفع الإنتاج الصناعي في الإمارات بنسبة 8.7%، وارتفع النشاط الصناعي في المملكة العربية السعودية بنسبة 18.5% في ديسمبر 2022 مقارنة بالعام السابق.
ومن المتوقع أن يعطي التحول الرقمي والثورة الصناعية الرابعة زخماً إضافياً لهذا النمو.
وتراقب الشركات الخليجية الفرص التي يوفرها التحول الرقمي. خاصة مع التفاعل البارز بين الأفراد والشركات على الابتكار التكنولوجي، حيث تبنت حوالي 80% من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التكنولوجيا الرقمية، ومن المتوقع أن يرتفع الاستثمار في التحول الرقمي بشكل سريع ليصل إلى 298.2 مليار دولار بحلول عام 2032 من 38.4 مليار دولار في 2022
واللافت للنظر أن الشركات الصناعية الكبرى مثل الألمنيوم والتكرير والبتروكيماويات والعاملة في الصناعات المتقدمة هي أول من احتضن هذه التقنيات الحديثة. عملت شركة BFG International مع مجلس التنمية الاقتصادية وصندوق العمل (تمكين) على مشروع هو الأول من نوعه المتعلق بالثورة الصناعية الرابعة. كما تقوم تمكين بتمويل المشروع الذي يعمل على تطوير العمليات الثنائية الرقمية الفورية في المصانع بشكل متكامل يعتمد على ترجمة موحدة للبيانات من خلال الذكاء الاصطناعي عبر منصة واحدة. سيوفر هذا المشروع أداءً عالي الشفافية مع توفير خطة تطوير وتحسين فورية. وقد أصبحت مثل هذه الأمثلة منتشرة على نطاق واسع في المنطقة. وفي السعودية، عملت مجموعة الرقطان مع “مدن” الذراع الصناعية الحكومية، على تطوير حلول باستخدام الروبوتات المطورة لأتمتة العمليات والذكاء الاصطناعي وبرامج الحوسبة، حيث أدى ذلك إلى توفير الوقت الذي يقضيه في تصميم العمليات وتجنب أخطاء التصنيع. وبالتالي زيادة القدرات الإنتاجية.
وفي سياق متصل، اعتمدت شركة مونديليز التكنولوجيا السحابية من شنايدر إلكتريك لمراقبة استخدام الطاقة والمياه وكميات الغاز الطبيعي المستهلكة، في الوقت الحقيقي، في مصنعها “مصنع المستقبل” في البحرين. ويتيح هذا النظام للشركة قياس أهدافها المستدامة مقارنة بالمصانع الأخرى. كما يمنح الشركة القدرة على التحقق من فوائد آلات الذكاء الاصطناعي ومدى تعلمها لزيادة كفاءة مصنعها، وذلك باستخدام حلول مختلفة، بما في ذلك معالجة الصور ومقاطع الفيديو المأخوذة من المصنع.
إلا أن التعاون بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص يشكل ركيزة إضافية للتحول الرقمي في القطاع الصناعي. ومثال على ذلك الهدف الذي حددته دولة الإمارات العربية المتحدة في الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمسمى “مشروع 300 مليار” والذي يهدف إلى تطوير وتحفيز القطاع الصناعي في دولة الإمارات ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي. الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار (82 مليار دولار). ) بحلول عام 2031.
وحددت منصة الصناعة السعودية المتقدمة أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة إجمالية 273 مليار دولار، تهدف كل منها إلى تنويع القطاع الصناعي. وتهدف السعودية، بحلول عام 2035، إلى زيادة عدد المصانع من حوالي 10 آلاف مصنع حاليا إلى 36 ألف مصنع، منها 4000 مصنع تعتمد بشكل كامل على الأتمتة.
وفي البحرين، تهدف خطة الحكومة للتعافي الاقتصادي، كجزء من استراتيجية القطاع الصناعي، إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 6.6 مليار دولار بحلول عام 2026. وتركز الاستراتيجية على احتضان إمكانات الثورة الصناعية الرابعة، والاستثمار في اقتصاد خالي من الكربون، وتشجيع… الاستثمار في الإنتاج الرقمي والتكنولوجي وتعزيز البنية الصناعية وسلاسل القيمة المحلية.
ومع ذلك، فمن الضروري ألا تتخلف الشركات المحلية عن الركب. تفتقر العديد من الشركات الصناعية المحلية إلى البيانات المنظمة رقميا، وعادة ما يتم تسجيل بياناتها يدويا وقد تكون متفرقة. تعمل شركة BFG International على تطوير نظام يعتمد على الثورة الصناعية الرابعة والذي سيسمح للوحدات الصناعية بجمع وتحسين بيانات الذروة الخاصة بها خوارزميًا في الوقت الفعلي. وسيمكن ذلك العديد من الشركات من تنفيذ العديد من عملياتها رقمياً، بدءاً بتحسين جداول الإنتاج، وتنظيم عملياتها، وتشغيل آلياتها بكفاءة أكبر، وتحسين إنتاجية مواردها البشرية، وبالتالي تقليل النفقات. وهذا يعني أن الفرص التي يمكن أن يوفرها هذا القطاع لا حصر لها.
يتغير عالم الأعمال اليوم بوتيرة غير مسبوقة. تتصدر تخصصات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الذكي قوائم الوظائف الأكثر طلبًا حول العالم. وفي الوقت الذي يشكل فيه الشباب تحت سن الثلاثين أكثر من نصف سكان العالم، فإن ذلك يتوافق مع توجه الحكومات وشركات القطاع الخاص للاستثمار بشكل أكبر في الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وتوفر رواتب عالية.
تساعد حكومات المنطقة الشركات الصناعية على رفع مهارات القوى العاملة المستقبلية لديها. فجامعة البحرين، على سبيل المثال، تقدم برامج للدراسات العليا في أنظمة الذكاء الاصطناعي، بينما طرحت جامعة الإمارات مشروع “District 4.0” الذي يتضمن مختبرات لتعليم الطلاب أسس هذه الصناعة، وتوفير التدريب والبحث والصناعات. التطبيقات. ، و اخرين.
ويشكل التعاون بين القطاعين العام والخاص أساس نجاح هذه المبادرات. ووفقا لمشروع بي إف جي إنترناشيونال، فإن التركيز لا يقتصر على أتمتة عمليات المصنع فحسب، بل أيضا على تدريب الكوادر المحلية لتسليحهم بمهارات المستقبل، حيث قامت تمكين برعاية تدريب وتوظيف أكثر من 30 مهندسا بحرينيا خلال الخمس سنوات. برنامج السنة.
وتمتلك دول الخليج كل المقومات اللازمة لتصبح مركزاً عالمياً للابتكار الصناعي، والذي يتضمن جيلاً شاباً بارعاً في التكنولوجيا، وموقعاً استراتيجياً، وحاجة متزايدة إلى تبني التكنولوجيا. ومن خلال الاستمرار في الاستثمار في التحول الرقمي ورفع مهارات القوى العاملة لديها، يمكن للمنطقة إنشاء قطاع صناعي تنافسي ومستدام. وللحكومات والشركات والمؤسسات التعليمية دور تلعبه في ضمان مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة.
* رئيس مجلس إدارة مجموعة بي إف جي العالمية
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : alwatannews