فن ومشاهير

معتمد عبد الغني يكتب: الحشاشين والمسؤولية الاجتماعية.. نظرة على الدراما المصرية

قدمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في رمضان 2024 مسلسل القتلة، وهو مشروع درامي تاريخي ضخم يضاف إلى سلسلة أعمال سابقة يهدف إلى تثقيف المشاهد بطريقة غير مباشرة وبعيدة عن النخبوية. الاعتماد على العامية المتطورة كأساس للتواصل، مما يضمن عدم وجود حواجز لغوية بين العمل والمشاهد، وبالتالي يتحقق التوازن بين الرسالة التعليمية وعناصر الدراما الجذابة.

لماذا الحشاشون؟.. ما أهمية أن يشاهد المواطن العادي عملا تاريخيا يعبر عن أزماته المعاصرة؟ الجواب ببساطة هو أنه يجب علينا أن ندرك خطورة الفكرة السامة التي قد يمتد تأثيرها لمئات السنين. والحشاشون طائفة تستمد قوتها من تغريب العقول، وحولت حسن الصباح إلى شخصية أسطورية. الجدل الدائر حول العمل منذ عرضه الأول دفع بعض غير المختصين إلى البحث عن “القتلة” والتعرف على تاريخهم، وهذا هو هدف الدراما الذي يتعدى دوره الترفيهي ليصبح منارة ثقافية تعزز المجتمع مسؤولية.

تطبق الشركة المتحدة مفهوم “المسؤولية الاجتماعية” التي يجب على صناع الفن والإبداع الالتزام بها تجاه المجتمع. والمقصود بهذه المسؤولية هو تقديم الإبداع – الترفيه – وفي نفس الوقت تقديم قيمة وهدف يحترم عقل المتلقي ويحوله من مجرد متلقي سلبي إلى مشارك فاعل وإيجابي في المجتمع.

وفي كتابه «مسؤولية رفع المعايير.. رؤية جديدة للمسؤولية»، يسلط الأكاديمي الأميركي كيرتس مونتغمري الضوء على دور الإعلام في تثقيف الجمهور وتعزيز مسؤوليته تجاه المحتوى المقدم. كما يرى الباحث ويلبر شرام في كتابه “الإعلام والتنمية الوطنية” أن الإعلام يمتلك قوة سحرية ترفع الإنسان وتحفزه على التفكير بعيد المدى، وتوجه انتباه الجمهور نحو الأحداث والشخصيات البارزة.

وقد نتج عن تلك المسؤولية الاجتماعية أمرين رئيسيين. أولاً، الحفاظ على الهوية الثقافية ومواجهة التصرفات التي لا تتماشى مع القيم المجتمعية. ولو رجعنا بالزمن إلى ما قبل عشر سنوات سنجد غياب الرقابة في الدراما المصرية، مما أدى إلى ظهور أعمال فنية تحمل أفكارا مستوردة تدمر قيم الأسرة والأمة والعلاقات بين الأفراد. .

والنتيجة الثانية هي إعادة بناء ما فقده العقل الجمعي للمصريين خلال سنوات عدم الاستقرار، وهو ما تحقق في ثلاثية «الاختيار» على سبيل المثال. ساهمت مشاهد مسلسل “الاختيار” بشكل كبير في تغيير المواقف السياسية لدى الشباب. على سبيل المثال، أظهرت دراسة بعنوان “التحليل السيميولوجي لأجزاء من المسلسل الاختيار والهوية الوطنية للشباب الجامعي” للباحثة ولاء فايز محمد الصريتين، أن مشاهد من المسلسل ساهمت بشكل كبير في تغيير الاتجاهات السياسية للشباب. كما أكدت الدراسة على أهمية هذه السلسلة في دفع الشباب للمشاركة في الأعمال التطوعية التي تطلقها الدولة.


وفي بعد الهوية الوطنية، ومن وجهة نظر أفراد عينة الدراسة، جاءت عبارة “لن أقبل أن يهين أحد وطني” في المركز الأول، فيما جاءت في المركز الثاني عبارة “أعتقد أن التضحية والاستشهاد من أجل من أجل الوطن من أروع الشهادات”. وفي المركز الثالث جاءت عبارة “أحداث المسلسل زادت من إحساسي بالانتماء والتمسك بوطني”.

وإذا نظرنا إلى الأمر بطريقة معاكسة، وغابت المسؤولية الاجتماعية، فلنتخيل المشهد دون أعمال مصرية تعبر عن تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، أعمال تجعلنا نفكر ونبحث ونقرر ونذهب لنستقبل أفكار بعيدة كل البعد عن معتقداتنا وهويتنا. والنتيجة بالتأكيد ستكون شيئا واحدا فقط.. طمس الهوية المصرية.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى