ماجدة خير الله تكتب: مسلسل مليحة ترجمة فنية لأزمة وطن
ولا تتوقف الصحافة عن طرح هذا السؤال: هل نجحت «الأفلام والمسلسلات» الدرامية في التعبير عن القضية الفلسطينية وإعلام العالم بالقضاء على هذا الصراع وكيف بدأ؟ والجواب مخيب للآمال دائما للسائل، لأن الفنون المصرية لم تعبر بالشكل الكافي عن مدى خطورة هذا الصراع الذي أحدث شروخا في روح وكيان العالم العربي وما زال يفعل ذلك، ولأن عدد الفنانين التشكيليين قد كثر. الأعمال التي تناولت القضية الفلسطينية وتبعاتها لا تتناسب إطلاقا مع حجم المأساة التي استمرت قرابة 80 عاما. وأدى إلى تهجير آلاف الأسر الفلسطينية بعد الاستيلاء على أراضيها، وقتل أعداد لا حصر لها منهم لإجبارهم على الرحيل وترك الأرض للمعتدي الإسرائيلي.
وعلى نحو غير متوقع، فوجئنا بأن الخريطة الرمضانية لهذا العام تضم مسلسل مليحة الذي تدور أحداثه في 15 حلقة للمخرج عمرو عرفة، ويلعب بطولة فريق من النجوم من مصر وفلسطين وعدة دول عربية أخرى. يقدم المسلسل مزيجا رائعا من العرض الوثائقي والدرامي لربط الماضي بالحاضر في جديلة منسوجة بعناية وخبرة. أعتقد أن الفن التشكيلي سيسمح للأجيال المعاصرة، التي تجهل أصل الصراع، بفهم طبيعة الأمر بعيدا عن الضجيج الإعلامي الغربي المضلل الذي يحاول طمس الحقائق وإظهار المعتدي كضحية. والشخص الذي قدم القضية هو إرهابي.
ومسلسل مليحة من تأليف رشا الجزار، التي تؤكد أن العمل أثار حفيظة الجانب الإسرائيلي المعتدي، المحترف في تزييف الحقائق. كما أكدت أنها تفاجأت بارتفاع نسبة مشاهدة المسلسل مع كل حلقة يتم عرضها، وهذا يؤكد من وجهة نظرها أن العمل الصادق يصل إلى قلب وعقل المشاهد. العربية بدون إذن.
تبدأ حلقات مسلسل مليحة دائما بعرض جزء وثائقي بصوت الجد سامي مغاوري، يحكي لأحفاده كيف بدأ الصراع العربي الإسرائيلي، عندما منح بلفور رئيس الوزراء البريطاني، في أعقاب الحرب العالمية الأولى، حق الوصاية على إسرائيل. وعد اليهود بجعل فلسطين الأرض العربية وطناً بديلاً لهم، دون الأخذ بعين الاعتبار أن فلسطين أرض عربية يسكنها مواطنون عرب، ثم ننتقل مع الحلقات من قصص الجد إلى أحداث الحاضر، حيث نتعرف على الفتاة الفلسطينية الشابة “مليحة” التي تعيش مع جدها وجدتها في ليبيا. وبعد اندلاع الأحداث، يضطرون إلى مغادرة ليبيا، محاولين التوجه إلى غزة عبر معبر السلوم، حيث تلتقي بالضابط المصري “أدهم” الذي كاد أن يفقد حياته بعد محاولة دنيئة لتفجير الشاحنة التي تقل مجموعة. لعائلات فلسطينية، من بينها عائلة مليحة.
وتتوطد العلاقة الإنسانية بين جد الفتاة المصاب والضابط المصري الشجاع، وتأخذنا الأحداث إلى عائلة الضابط “أدهم” محمد دياب، ووالدته “ميرفت أمين” التي تنتظر عودته بفارغ الصبر، و شقيقه “أمير المصري”، ومن خلال تسليط الضوء على عائلة “أدهم” وجيرانه. علاقتهم بمليحة تزيد من الترابط الاجتماعي والشعور بالمسؤولية تجاه الفتاة الفلسطينية التي تسعى مع جدتها للعودة إلى غزة، رغم كل الظروف المعقدة التي تحول دون ذلك.
تتحرك الأحداث على عدة محاور، بين الرواية التاريخية وما حدث في الماضي، والحاضر بكل ما يحيط به من إرباك ومحاولات مضنية لعودة أصحاب الحقوق إلى أراضيهم، وبين محاولات إنقاذ العالقين في غزة، وبين محاولات إنقاذ العالقين في غزة، وتفرض قوات الاحتلال حصاراً على المعابر لمنع دخول أي مساعدات غذائية أو طبية.
مسلسل مليحة، رغم التزامه بالأسلوب الواقعي، إلا أنه يحمل في طياته ثمار الرومانسية والعلاقات الاجتماعية الدافئة، مما يجعلنا ننتظر مستقبلاً أكثر إشراقاً من الماضي. المسلسل بطولة أشرف زكي وحنان سليمان ومروة أنور وسيرين خاص.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر