كيف تحول وادي الحيتان إلى أغرب المتاحف المصرية المفتوحة؟
بينما لا يوجد على مد البصر سوى سجادة ضخمة من الرمال الذهبية الناعمة والتكوينات الصخرية والكثبان الرملية المنتشرة هنا وهناك، إلا أن الحقيقة المذهلة تختبئ تحت الطبقات الجيولوجية، وهي أن هذه المنطقة كانت، منذ ملايين السنين ، جزء من محيط من الأمواج المضطربة، والعواصف الهائجة، التي أبحرت فيها الحيتان، وأسماك القرش فخورة بقدراتها الاستثنائية. تجد هنا بقايا حوت عملاق يعانق جبلًا، بينما بقايا سمكة قرش تعانق الصخور، بينما تطأ أقدامك آلاف القواقع والأصداف الصغيرة الهشة بشكل مدهش.
ويحدث ذلك في محمية “وادي الحيتان” التي تعد جزءا رئيسيا من محمية “وادي الريان” التي تقع ضمن صحراء محافظة الفيوم على بعد 150 كيلومترا جنوب العاصمة المصرية القاهرة. ويضم الوادي حفريات مذهلة وهياكل عظمية كاملة يصل عددها إلى أكثر من ألف قطعة، لحيتان مختلفة الأشكال والأسماء والأنواع، بالإضافة إلى أمثلة أخرى لكائنات بحرية كانت حية ومزدهرة هنا في ذلك الماضي البعيد، مثل: أسماك القرش، حوريات البحر، والأختام.
بدأ اكتشاف هذه الحفريات عام 1902، من خلال عملية مسح جيولوجي في مصر، حيث تم العثور على حفريات لحوت عملاق يسمى “باسيلوصور إيزيس”، وكان ضخما، حيث يصل طوله إلى أكثر من 18 مترا. كما تم العثور على حوت آخر يسمى “Doriodon ethrucus”. ولم تكن بهذا الحجم، وتم تصنيف الاكتشافين كأنواع جديدة من الحيتان في متحف التاريخ الطبيعي بلندن في العام التالي.
واستغرق فريق من العلماء المصريين والأمريكيين 87 عامًا للعثور على أول عينات مائية من الهياكل العظمية لهذين النوعين، بينما كان العلم على وشك اكتشاف مثير آخر في عام 2006، يتعلق هذه المرة بنوع من الثدييات البحرية، والذي يعتبر علميا “أسلاف الفيل” ويعرف باسم “أسلاف الفيل”. “بيراثيرم”.
وتكمن أهمية هذه الاكتشافات في أنه لأول مرة في العالم، تم العثور على هيكل متكامل بهذا الوضوح، وفي حالة قريبة جدا من حالته الأصلية، للحيتان الأولى التي عاشت هنا، قبل 40 مليون سنة. وهو ما دفع اليونسكو إلى إعلان “وادي الحيتان” أحد مواقع التراث العالمي.
ووفقا للعلماء، فإن اكتشاف حفريات الحيتان السليمة يرجع بشكل رئيسي إلى المناخ الصحراوي الجاف في تلك المنطقة، فضلا عن البيئة الرملية، حيث دفنت الحفريات عميقا. ما ساعد على الحفاظ عليها بحالة جيدة، بالإضافة إلى التجمع الكبير جداً للحيتان في منطقة محدودة؛ وهذا يدل على غنى المنطقة كبيئة بحرية غنية في العصور القديمة.
وعلى مرمى حجر من «وادي الحيتان»، توجد منطقة «جبل القطراني»، التي تحتوي بدورها على حفريات لثدييات أرضية، مثل: الفيلة، وأسلاف القرود، والنياندرتال. وهذا ما جعل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUUCNI) يعتبر “جبل القطراني” بمثابة “السجل الكامل للثدييات المنقرضة في أفريقيا”، على حد تعبير الاتحاد في بيان رسمي. ويضم الوادي الذي تحول إلى منطقة جذب سياحي عالمي متحفًا طبيعيًا يضم نماذج فريدة من الهياكل والحفريات. وقد تم تصميم المتحف ليتناسب مع طبيعة البيئة الصحراوية.
ولا تقتصر أهمية “وادي الحيتان” على الحفريات، بل تمتد إلى كونها بيئة طبيعية للعديد من الحيوانات المهددة بالانقراض، مثل: “الغزال الأبيض”، و”الغزال المصري”، و”الثعلب الفنك”. كما يعد الوادي موطنًا للعديد من الطيور المهاجرة النادرة، مثل “صقر الشاهين”، و”صقر الغزال”، و”الصقر الحر”. كما يضم الوادي نباتات برية نادرة، مثل: “العتال”، و”الراتريت الأبيض”، و”عاقل”.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر