أخبار الخليج

البحرين : تقنين الذكاء

تقنين الذكاء     

تعتبر الطباعة من أهم التقنيات التي انتشرت مع بداية الثورة الصناعية الكبرى ولاقت رواجاً كبيراً في تلك الفترة. ومع بداية انتشاره ظهرت المشاكل المصاحبة له والمتعلقة بتنظيم التشريعات وسن القوانين. ومع غياب القوانين المنظمة لهذه التقنيات، كان الخاسر الأكبر هم المؤلفون، وانتهكت حقوقهم، بينما كان الناشر هو المستفيد الأكبر، وظل الأمر كذلك لفترة طويلة، حتى جاء القرن الثامن عشر وانتشرت الطباعة في إنكلترا. وفي عام 1710 ظهر في إنجلترا “نظام آن” أو ما يعرف بقانون حق المؤلف، وهو الذي ينظم حقوق الطباعة والنشر، وكانت هذه المرة الأولى التي ظهر فيها قانون يحمي حقوق المؤلفين. وبعد ذلك جاءت التشريعات المتعلقة بالطباعة والنشر وحقوق الملكية، فضلاً عن حماية المجتمع من المطبوعات أيضاً. وكانت هذه القوانين السبب في تشجيع المؤلفين على الإنتاج والإبداع والابتكار في مختلف مجالات العلوم والفنون، وتحسنت الأعمال وضمنت حقوق جميع الأطراف.
فكما كانت الحاجة ملحة آنذاك لسن القوانين والتشريعات المنظمة لتقنية الطباعة، فإننا اليوم نواجه تحديات مماثلة في جانب الذكاء الاصطناعي وما يتعلق به. هناك ابتكارات ومبتكرين وحقوق وشركات استثمارية في هذا القطاع، والأهم من ذلك كله هو تأثير الذكاء الاصطناعي على الإنسان، فهو أكبر وأوسع من تأثير الكتب في ذلك الوقت بسبب عدد القراء والمستفيدين منهم لا يقارن بعدد الأشخاص الذين يؤثر الذكاء الاصطناعي على حياتهم اليوم. قضايا مثل المسؤولية والخصوصية والأخلاق والقيم وحقوق الملكية الفكرية تحتاج إلى تنظيم وتدوين، خاصة وأن بيانات الأفراد منتشرة في أماكن مختلفة مثل البنوك والمستشفيات والمتاجر. الشركات التجارية وشركات الاتصالات وغيرها، وجميع هذه الجهات أدخلت الذكاء الاصطناعي في عملها، وأصبح من السهل على العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي الوصول إليه واستخدامه، وقد يتم استغلاله أيضاً. إضافة إلى كل هذا، فإن تصرفات الذكاء الاصطناعي نفسه، ومن المسؤول عنها، ومن يضمن عدم تحيزها، كيف يمكننا التأكد من أنها لا تنتهك القيم وأخلاقيات العمل والتعليم والتعلم، وكل تلك أمور وتفاصيل كثيرة؟
ويعد قانون حق المؤلف الذي صدر في إنجلترا عام 1710 درسا تاريخيا في أهمية سن القوانين والتشريعات لكل ابتكار جديد، والسنوات الطويلة التي قضتها أجيال من المؤلفين قبل صدور هذا القانون، تدهورت خلالها حقوقهم وحقوقهم. وضاعت حقوق المجتمع أيضاً، ولا بد أن يكون ذلك حافزاً للمشرعين القانونيين لسن تشريعات تتناول كافة التفاصيل القانونية للذكاء الاصطناعي، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بالتعاون مع المتخصصين في مجال التكنولوجيا.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : alwatannews

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
1
Scan the code
مرحبا 👋
أهلاً! كيف يمكننا مساعدتك؟