تدفقات السلع الأساسية في خطر | كلايد راسل
كلايد راسل*
لقد ركزت أغلب المناقشات حول التداعيات المترتبة على ولاية ثانية محتملة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب على ما قد يحدث للاقتصاد الأميركي والعالم. وعلى وجه الخصوص، فإن خطته لفرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على كل الواردات إلى الولايات المتحدة تقريبا، وما يصل إلى 50% على الواردات من الصين، الشريك التجاري الرئيسي، قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وسوق أقل تنافسية.
ولكن بالنسبة للسلع الأساسية، فإن الخطر الأكبر المتمثل في عودة ترامب إلى البيت الأبيض يتمثل في رد فعل بقية العالم على التعريفات التجارية الأميركية.
ولن يقف الزعماء السياسيون في مختلف أنحاء العالم مكتوفي الأيدي إذا فرض ترامب حواجز على صادراتهم إلى الولايات المتحدة. وبالتالي فإن أي إجراء أحادي الجانب من جانب واشنطن من المرجح أن يقابل بالانتقام من جانب شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وحتى حلفائها السياسيين السابقين، مثل أوروبا، وبعض الدول الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وربما حتى الهند.
إذا كان من المحتم أن يستجيب شركاء الولايات المتحدة التجاريون للإجراءات التي يقترحها ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات من الولايات المتحدة، فإن السؤال الرئيسي هو: ما الشكل الذي ستتخذه هذه الإجراءات؟
ورغم أن كبار المصدرين الأميركيين مثل بوينج قد يكون لديهم سبب مشروع للقلق، فإن الهدف الأسهل للانتقام ربما يكون صادرات السلع الأساسية الأميركية. فالولايات المتحدة هي أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتحتل المرتبة الرابعة في صادرات النفط الخام وجميع أنواع الفحم.
وبما أن المشتري الرئيسي للسلع الأميركية هو الصين، فإذا فرض ترامب تعريفة جمركية بنسبة 50% على صادراتها، فإن بكين قد تحظر ببساطة جميع واردات السلع الأساسية من الولايات المتحدة، إما رسميا أو بشكل غير رسمي.
وبلغت صادرات النفط الخام الأميركي إلى الصين 10 ملايين برميل في يوليو/تموز، بحسب شركة تحليل السلع الأولية كبلر، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 16.58 مليون برميل في أغسطس/آب، وهو أعلى مستوى منذ أبريل/نيسان 2023.
في حين بلغت صادرات الخام الأميركي إلى الصين نحو 309 آلاف برميل يوميا، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، أي نحو 3% فقط من إجمالي واردات الصين، إلا أنها تمثل نحو 7.5% من إجمالي الشحنات الأميركية.
وبعبارة أخرى، من المرجح أن تواجه بكين صعوبة ضئيلة إذا قررت التوقف عن شراء الخام الأميركي والتحول بدلا من ذلك إلى الموردين البدلاء الحاليين، مثل أنجولا والبرازيل. ولكن هل سيكون من السهل على منتجي النفط الأميركيين تعويض خسارة المشترين الصينيين؟ ومن الممكن أيضا أن تفرض دول أخرى تعريفات جمركية باهظة على صادرات السلع الأميركية.
ولنتخيل لو فرض الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، وهي الكتلة التي تمثل نحو 60% من صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام، رسوما جمركية بنسبة 10% على النفط الخام والغاز الطبيعي المسال والفحم ردا على فرض ترامب ضريبة مماثلة على صادراتها إلى الولايات المتحدة. وإذا حدث هذا، فسوف تضطر الشركات الأميركية إما إلى تقديم خصومات للحفاظ على تنافسية أسعارها أو خفض الإنتاج.
وعلى نفس المنوال، قد يكون مصدرو الغاز الطبيعي المسال الأميركيون أكثر عرضة للخطر من منتجي النفط الخام، نظرا لافتقارهم إلى أسواق بديلة خارج الصادرات. وبالنسبة للصين، فإن استبدال الغاز الطبيعي المسال الأميركي سيكون أكثر تحديا، لكنه لا يزال ممكنا، نظرا لحجم وارداتها الصغيرة نسبيا من هذه السلعة، والتي بلغت 670 ألف طن متري في يوليو/تموز، أو نحو 10.5% من إجمالي 6.39 مليون طن شهريا.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الصادرات إلى الصين لا تمثل سوى نحو 8% من إجمالي شحناتها من الغاز الطبيعي المسال. ولكن إذا أضفنا اليابان وكوريا الجنوبية، فإن الصادرات إلى المشترين الآسيويين الثلاثة الرئيسيين ترتفع إلى نحو ربع الإجمالي، استناداً إلى بيانات يونيو/حزيران من هذا العام. وإذا فرض المستوردون في شمال آسيا رسوماً جمركية على الغاز الطبيعي المسال الأميركي، فإن هذا من شأنه أن يفرض المزيد من الضغوط على الشركات الأميركية، مما يضطرها إلى خفض الأسعار للتعويض.
أما بالنسبة للفحم، فقد بلغ متوسط صادرات الولايات المتحدة نحو 7.5 مليون طن شهرياً خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، ولكن لا يوجد مشترٍ مهيمن. بل هناك مجموعة واسعة من المستوردين، وكل منهم يشتري كميات صغيرة نسبياً.
وهذا يعني أن مشتري الفحم الأميركي قد يجدون بدائل لتوريد الكميات الصغيرة المعنية، في حين سيواجه المصدرون الأميركيون صعوبة في إيجاد أسواق جديدة إذا فرضت أغلبية المستوردين الحاليين تعريفات جمركية انتقامية.
والخلاصة، كما يتضح من الصورة العامة، هي أن مصدري الطاقة الأميركيين سوف يعانون كثيرا إذا شهدنا حربا تجارية أخرى، نظرا للطريقة التي قد تستجيب بها البلدان للتعريفات الجمركية التي اقترحها معسكر الرئيس السابق والمرشح الحالي.
إذا تم انتخاب ترامب وبدأ حربا تجارية واسعة النطاق، فإن تدفقات السلع الأساسية، وبالتالي جزء كبير من الاقتصاد العالمي، سوف تتأثر حيث ستضطر السوق إلى التكيف مع ديناميكية سياسية غير متوقعة مرة أخرى.
* كاتب في رويترز متخصص في أسواق الطاقة
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر