الجمعيات المالية.. «تمويل مريح» عالي المخاطر
يلجأ كثيرون إلى «الجمعيات المالية» أو ما يسمى «الادخار التشاركي»، الذي يعتمد على تحصيل مبلغ شهري من عدة أشخاص، بحيث يحصل كل مشارك على إجمالي المبلغ المحصل في الشهر، وفق نظام دفع شهري متفق عليه، لحل أزماتهم المالية بعيداً عن القروض المصرفية وفوائدها. وفي الوقت نفسه، حذر مصرفيون من مخاطر هذه الجمعيات، بسبب عدم وجود ضمانات لاستعادة الأموال المدفوعة، واعتمادها على الثقة الشخصية. ونظرت محاكم أبوظبي مؤخراً في قضايا رفعها مشاركون في «جمعيات مالية» لم يحصلوا على أموالهم في الموعد المحدد.
وتفصيلاً، أكد مواطنون ومقيمون، محمد إسماعيل، وسعود محمد، ومنى فضل، وعايدة عبد التواب، وأمل علي، اعتيادهم على المشاركة في «جمعيات مالية» سواء داخل أسرهم أو مع زملائهم في العمل، لسداد التزامات محددة وتجنب القروض التي يترتب عليها فوائد مالية، مشيرين إلى أن تحديد موعد الاستحقاق غالباً ما يتم ترتيبه بناء على احتياجات كل مشارك، فالبعض يحدد موعد استحقاقه في بداية العام الدراسي لسداد رسوم أبنائه، فيما يفضل البعض الآخر أن يتزامن مع موعد سفره في الإجازة السنوية أو موعد سداد الإيجار السنوي، في حين يفضل المشاركون الذين يهدفون إلى الادخار استلام المبلغ في النهاية.
وأشاروا إلى أن أساس هذه الجمعيات هو الثقة والمصداقية، خاصة أن المشاكل تقع في بعض الجمعيات، وأغلبها جمعيات تتم في أماكن عمل أو بين أصدقاء من جنسيات مختلفة، نتيجة تعرض أحد المشاركين في الجمعية لظروف مثل فقدان الوظيفة أو السفر المفاجئ وعدم العودة مرة أخرى، مشيرين إلى أن الشخص المنسحب حصل على كل الأموال ولا يزال عليه سداد الأقساط، مما يسبب الضرر لبقية المشاركين الذين لم يحصلوا على أموالهم، وفي هذه الحالة يلتزم المسؤول عن تنظيم الجمعية بالدفع نيابة عنه، وهذا غالبا ما ينتج عنه مشاكل وقضايا.
في هذه الأثناء، أوضحت هدى مجدي، موظفة ومسؤولة عن تنظيم «التجمع الشهري»، أنها تنظم تجمعاً شهرياً منذ أكثر من 10 سنوات، مشيرة إلى أنها تضع ضوابط للمشاركة في التجمع، منها أن يكون جميع المشاركين موظفين في المكان، وألا يقل عددهم عن 10 أشخاص، وألا يزيد عن 12 شخصاً، مع رسم اشتراك للشخص الواحد يتراوح بين 3 آلاف و5 آلاف درهم شهرياً، ويقوم جميع الأعضاء بإيداع الاشتراك الشهري في حسابها البنكي، لضمان التعاملات المالية.
وأوضحت أنها تتفق مع كافة المشاركين على إنشاء مجموعة واتساب لأعضاء الجمعية، توضح فيها اسم المسؤولة عن تنظيم الجمعية ودورها، وأسماء المشاركين، وقيمة الاشتراك، والمبلغ الإجمالي المطلوب استلامه، وترتيب الأدوار لاستلام المبلغ، كما يرسل كل مشارك رسالة للمجموعة تفيد بموافقته على الاشتراك، وقيمة القسط، وتاريخ استلام أموال الجمعية، مع ترك صورة هويته ورقم الحساب الذي سيحول من خلاله الأقساط ويستلم المبلغ أيضاً، ليكون هناك دليل مادي في حال إخلال أي من المشاركين بالتزاماته، بما في ذلك منظم الجمعية.
المخاطر
في المقابل، أكد المصرفيون أحمد إبراهيم ومنى عادل وريم البلوشي أن «الجمعيات المالية» هي وسيلة غير رسمية للتمويل والادخار، وتوفر السيولة النقدية للمشترك من دون فوائد، لكنها تنطوي على الكثير من المخاطر، أبرزها سلامة المسؤول عنها، وانتظام الأعضاء في سداد التزاماتهم، وانسحاب بعضهم في منتصف المدة، إضافة إلى الخلافات حول ترتيب من سيحصل على المبلغ الإجمالي كل شهر.
وأشاروا إلى أن المشاكل الكثيرة الناتجة عن هذه الجمعيات دفعت كثيرين إلى دفع الاشتراكات عبر الحسابات البنكية واستلام الأموال بنفس الطريقة حتى يكون هناك إثبات الدفع والتحصيل، فيما يلجأ آخرون إلى إبرام عقود التزام بين منظم الجمعية والمشتركين، لضمان عدم تهرب أي طرف من الدفع في أي مرحلة، مشيرين إلى أن هذه العقود تعد مخالفة لأن تحصيل الأموال يتم خارج نطاق البنوك.
مشاكل
شهدت محاكم أبوظبي مؤخراً قضايا رفعها مواطنون ومقيمين شاركوا في جمعيات مالية ولم يتسلموا أموالهم في الموعد المتفق عليه، ومن تلك القضايا دعوى أقامتها سيدة ضد سيدة أخرى طالبت فيها المدعى عليها بدفع مبلغ 40 ألف درهم لها بالإضافة إلى 5 آلاف درهم تعويضاً عن الأضرار المادية، مشيرة إلى أنها حولت المبلغ المطالب به للمدعى عليها على أنه عضوية في جمعية، وبعد حلول الموعد لم تدفعه لها أو تعيده لها، وأرفقت إيصالات تحويل الأموال وصور المحادثات عبر تطبيق واتساب كدليل على دعواها. وقضت محكمة الأسرة والمطالبات المدنية والإدارية في أبوظبي بإلزام سيدة بدفع مبلغ 42 ألف درهم لامرأة أخرى على شكل أقساط عن «جمعية» كانت قد استلمتها منها ولم تعدها في الموعد المتفق عليه.
وفي قضية ثالثة، انضم شابان إلى جمعية مع زميل لهما بقيمة 5 آلاف درهم شهرياً لكل مشترك، وسددا الاشتراك لمدة 11 شهراً، وعند حلول الأول، تهرب منظم الجمعية من السداد، مدعياً أنه يعاني من ضائقة مالية، وعرض إعادة المبلغ على أقساط شهرية بقيمة 2000 درهم، فيما قضت المحكمة بإلزامه بإعادة المبلغ. كما قضت المحكمة ذاتها في قضية رابعة، بإلزام سيدة تدير جمعية شهرية بإعادة 80 ألف درهم إلى إحدى مشتركات الجمعية، التي قامت بتحويل القسط الشهري من حسابها إلى حساب المدعى عليه حتى بلغ مجموع المبالغ المحولة 80 ألف درهم، إلا أن المدعى عليها أوقفت الجمعية دون سبب، مدعيةً أن المشتركين لم يحولوا مبلغ الاشتراك، وتعهدت بإعادة المبلغ الذي دفعته المدعية، لكنها لم تف بتعهدها.
وفي قضية أخرى، قضت محكمة أبوظبي بإعادة امرأة رسوم عضوية في «جمعية» بقيمة 50 ألف درهم، بعد أن حصلت من امرأة أخرى على 79 ألف درهم كرسوم عضوية في «جمعية»، وفي الموعد المحدد، ردت 29 ألف درهم فقط من المبلغ وأغلقت هاتفها. كما أدانت محكمة العين امرأة بإهدار المال بعد أن نظمت جمعية مالية وحصلت على 5 آلاف درهم من كل مشترك مقابل رسوم عضوية في «جمعية»، بشرط أن يحصل كل مشترك في «الجمعية» على 30 ألف درهم لمدة ستة أشهر، لكنها لم ترد المبلغ.
عدم الأمانة
وأكد المحامي محمد عيسى أن المسؤول النقابي الذي يستولي على أموال الأعضاء أو يرفض تسليمها يعتبر خائناً للأمانة، والأموال التي بحوزته تعتبر ناقصة، لأنه رفض الدفع واستول على أموال الآخرين، وسيحاكم بتهمة خيانة الأمانة والاستيلاء على أموال الآخرين، وإذا كانت هناك شهادة شهود أو وثيقة تثبت حقوق المجني عليهم فهذا يؤيد الموقف القانوني للمتضرر.
• يحذر المصرفيون من أن هذه الجمعيات تفتقر إلى الضمانات اللازمة لاسترداد الاشتراكات.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر