تقارير

عملية كورسك الأوكرانية تمثل خطأ استراتيجياً فادحاً

لقد أثبت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيد المسرح السياسي، وخطيب موهوب قادر على تحريك المشاعر وحشد الدعم العالمي، ومع ذلك فإن توغله العسكري الأخير في روسيا يمثل خروجًا عن عالم الدبلوماسية إلى عالم الخطأ الاستراتيجي. هذه المناورة المتهورة، أقرب إلى حيلة يائسة تستحق ممثلًا من الدرجة الثانية وليس رجل دولة مخضرم، تحول الموارد الحيوية عن ساحة المعركة الأساسية في حين تقدم مكاسب استراتيجية لا تذكر.

ورغم أن العملية استحوذت على عناوين الأخبار وألحقت بعض الضرر النفسي بروسيا، فإن مثل هذه الانتصارات السطحية لا تفعل الكثير لتغيير الديناميكيات الأساسية للصراع. فرغم انتكاساتها، تظل روسيا قوة عسكرية هائلة تمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة والرادع النووي. وتواجه أوكرانيا، رغم شجاعتها وقدرتها على الصمود، تحدياً هائلاً في التغلب على هذا التفاوت الهائل.

والأمر الأكثر أهمية هو أن تحويل القوات بعيداً عن المسرح الرئيسي للحرب يشكل خطأ استراتيجياً فادحاً. فكل جندي ودبابة وقطعة مدفعية يتم نشرها في العملية الروسية يمثل خسارة للجهود الأوكرانية. وإذا تم تركيز هذه الموارد على الخطوط الأمامية، فقد تؤدي إلى مكاسب ملموسة، وإضعاف الدفاعات الروسية، وخلق فرص لتحقيق اختراقات حاسمة.

ولكن بدلاً من ذلك، تجد أوكرانيا نفسها متورطة في مسعى مكلف وغير مجدٍ في نهاية المطاف. وفي حين يراقب العالم في حالة من عدم التصديق، تستمر المعركة الحقيقية من أجل أوكرانيا في الظهور في أماكن أخرى. ويشكل قرار زيلينسكي بالمقامرة على حيلة دعائية عالية المخاطر خطأً مأساوياً في التقدير قد يترتب عليه عواقب بعيدة المدى.

لقد حان الوقت للتفكير الرصين. إن الشعب الأوكراني يستحق قيادة تركز على الأهداف القابلة للتحقيق، وليس الإيماءات الكبرى. ورغم أن الشجاعة والتحدي أمران جديران بالإعجاب، إلا أنهما لابد أن يصاحبهما الحكمة الاستراتيجية. إن الطريق إلى النصر لا يكمن في أعمال التحدي، بل في السعي المنهجي إلى تحرير الأراضي.

لا شك أن شجاعة القوات الأوكرانية، التي واجهت بلا أدنى شك تحديات كبيرة في هذا التوغل، تشكل وصفة للكارثة. والسؤال هنا هو ما إذا كانت المخاطر تفوق المكافآت المحتملة. وفي الوقت الحاضر، تشير الأدلة إلى نتيجة سلبية مدوية.

وعلاوة على ذلك، من الضروري أن نأخذ في الاعتبار العواقب المحتملة لمثل هذه الإجراءات. فالتوغل المطول في روسيا قد يؤدي إلى تصعيد الصراع، وإشراك دول أخرى، وربما مواجهة عالمية كارثية. إنها لعبة خطيرة، حيث المخاطر تهدد البشرية ككل.

إن أوكرانيا تمر بمرحلة حرجة، والطريق أمامها محفوف بالتحديات، ولكن من الواضح أن التركيز يجب أن يظل منصبا على تحرير الأراضي. إن إهدار الموارد الثمينة على لفتة رمزية يشكل ترفاً لا تستطيع البلاد أن تتحمله. لقد حان الوقت للعودة إلى المهمة الأساسية وتجنب الانحرافات التي تهدد بتقويض الهدف النهائي. إن العالم يراقب، والمخاطر لا يمكن أن تكون أعلى، ويجب على أوكرانيا أن تظهر ليس فقط الشجاعة، بل والحكمة والذكاء الاستراتيجي.

أندرو لاثام

أستاذ العلاقات الدولية في كلية ماكاليستر، سانت بول

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى