الاتحاد الأوروبي يدرس إنشاء جهاز استخبارات موحد
القاهرة: هاني كمال الدين
في تطور استراتيجي يُبرز تزايد المخاوف الأمنية في القارة الأوروبية، أصدرت المفوضية الأوروبية تقريرًا خاصًا يسلط الضوء على ضرورة تشكيل جهاز استخبارات موحد يخدم دول الاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز الجاهزية لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة، بما في ذلك ما يُعرف بـ”الهجمات الهجينة” التي تُنسب إلى روسيا وتستهدف الدول الأوروبية على الصعيدين التشغيلي والاستراتيجي.
المبادرة الأوروبية: رؤية طموحة لمستقبل أمني مشترك
تعود تفاصيل هذا المقترح إلى تقرير أعده الرئيس الفنلندي السابق، ساولي نينيستو، بتكليف من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، حيث يعرض التقرير فكرة إنشاء جهاز استخبارات أوروبي موحد. الفكرة الرئيسة خلف هذا الجهاز هي جمع المعلومات الاستخباراتية وتبادلها بين دول الاتحاد، مما يسهم في بناء شبكة معلوماتية موحدة قادرة على رصد المخاطر الأمنية المتزايدة ومعالجتها في الوقت المناسب.
ويتضمن التقرير تأكيدات على أن الجهاز الجديد لن يتدخل في الشؤون الأمنية الداخلية للدول الأعضاء أو يمس سيادتها في مجال الأمن القومي، بل يسعى فقط لتعزيز التعاون وتبادل المعلومات الحيوية لمجابهة التهديدات المشتركة. كما يوصي التقرير بإنشاء “شبكة مكافحة التخريب” ضمن الجهاز الموحد، بهدف دعم الدول الأعضاء في الوقاية من العمليات التخريبية والاستجابة الفعالة لها.
توجيهات لتعزيز الجهود الدفاعية الأوروبية
لم يقتصر تقرير المفوضية الأوروبية على الدعوة إلى إنشاء جهاز استخبارات موحد، بل تضمنت التوصيات تعزيز الاستثمارات الدفاعية من خلال تطوير آليات قانونية وإدارية تساعد على زيادة التمويل المخصص للصناعات الدفاعية، خصوصًا تلك المنتجات التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية في آنٍ واحد. كما يشير التقرير إلى ضرورة توسيع دور بنك الاستثمار الأوروبي ليشمل دعم المشروعات الدفاعية، بما يتيح للدول الأوروبية زيادة إنتاج المعدات الدفاعية، وبالتالي تعزيز قدرتها على التعامل مع التحديات الأمنية في المستقبل.
تكثيف السيطرة على الحدود ومواجهة تحديات الهجرة
إلى جانب التركيز على التهديدات الأمنية التقليدية والهجمات التخريبية، يضع التقرير توصيات محددة لتعزيز الإجراءات الرامية إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية. ويأتي ذلك في إطار التوجه الأوروبي لتقوية الحدود الخارجية للاتحاد، حيث يشير التقرير إلى أهمية تكثيف عمليات المراقبة وضبط التدفقات البشرية عبر حدود الاتحاد، وهو ما يهدف إلى تعزيز الاستقرار الداخلي ووقف تدفق الهجرة غير القانونية التي تشكل تحديًا إضافيًا للدول الأوروبية.
دور السياسة الأمريكية في تشكيل النهج الدفاعي الأوروبي
يُعد التحول الأخير في السياسة الأوروبية نحو تبني نهج عسكري متكامل جزءًا من تيار عالمي يقوده التحالف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة، حيث تبنت دول الاتحاد سياسات متشددة تميل نحو تعزيز الدفاع والأمن. وقد شهدت المفوضية الأوروبية هذا العام خطوة غير مسبوقة بتعيين مفوض خاص بشؤون الدفاع، الذي يتولى مهمة إعداد “الكتاب الأبيض للدفاع” والمزمع نشره في الربيع المقبل. يهدف هذا الكتاب إلى وضع استراتيجية متكاملة لسياسات الدفاع الأوروبية، ما يمثل تحولًا استراتيجيًا في طريقة معالجة الاتحاد لقضايا الأمن والدفاع.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر