لبنان في الخراب: تداعيات القصف الإسرائيلي على الشعب اللبناني
القاهرة: هاني كمال الدين
يعيش لبنان منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 23 سبتمبر حالة من الدمار الشامل الذي طال معظم المدن والقرى اللبنانية، بما في ذلك المناطق الحدودية التي أصبحت شبه مهجورة. القصف العنيف والمستمر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي استخدم فيه أحدث الأسلحة الجوية، أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين وتدمير المئات من المنازل والمرافق الحيوية.
تأثير الهجمات الإسرائيلية لا يقتصر فقط على الخسائر البشرية، بل يمتد إلى الاقتصاد اللبناني والبنية التحتية. فقد دمرت الطائرات الإسرائيلية العديد من المنشآت الصناعية، مما جعل لبنان يواجه تحديات كبيرة في توفير المواد الأساسية للمواطنين. كما أن العديد من الطرق والجسور تعرضت للقصف، مما جعل التنقل بين المدن صعبًا للغاية وأدى إلى انقطاع التواصل بين المناطق المختلفة.
ضحايا القصف الإسرائيلي
منذ بداية الهجوم، قتل أكثر من 3700 لبناني، بينهم أطفال ونساء وشيوخ. ولعل أكثر ما يثير الحزن هو العدد الكبير من الأطفال الذين فقدوا حياتهم بسبب الهجمات الجوية. في الوقت الذي تقف فيه العائلات اللبنانية عاجزة أمام مشهد الدمار، لا يزال العالم ينظر إلى هذه الأحداث بعين اللامبالاة، ويكتفي ببعض التصريحات الدبلوماسية التي لا تقدم حلولًا فعالة.
إسرائيل أعلنت مرارًا وتكرارًا أن أهدافها هي ضرب مواقع “حزب الله” والمليشيات المسلحة التي تعتبرها تهديدًا للأمن القومي الإسرائيلي، لكن الهجمات لا تميز بين المدنيين والعسكريين. فقد استهدفت العديد من القرى التي لا توجد فيها أي عناصر مسلحة، مما يثير تساؤلات حول استراتيجية الحرب التي تتبعها إسرائيل في لبنان.
تدمير المنازل والمرافق العامة
منذ أن بدأ القصف، أصبحت معظم القرى في الجنوب اللبناني والمدن الحدودية مهجورة. الدمار شمل كل شيء: المنازل، المدارس، المستشفيات، والمساجد. في قرية “سارافاند” التي كانت تعد واحدة من أبرز القرى اللبنانية، قتل طفل يبلغ من العمر خمس سنوات نتيجة لصاروخ إسرائيلي سقط على منزله، ليتم دفنه في اليوم التالي. هذا الطفل، وغيره من الأطفال الذين قضوا في الهجمات، باتوا رموزًا للضحايا الأبرياء الذين ليس لهم ذنب سوى أنهم ولدوا في أرض نزاع.
في الوقت نفسه، لم يسلم أي قطاع من قطاعات الحياة من الضربات الجوية. الطائرات الإسرائيلية، التي تطلق صواريخ ذكية وتستهدف المنشآت الحساسة، دمرت العديد من المستشفيات في المنطقة الجنوبية. كما أن المدارس في المناطق القريبة من الخطوط الأمامية تم تدميرها بالكامل، مما أجبر العديد من الطلاب على التوقف عن الدراسة. هذا الوضع زاد من معاناة الشعب اللبناني الذي كان بالفعل يعاني من آثار الأزمات السياسية والاقتصادية.
الواقع العسكري والتهديدات الإسرائيلية
على الرغم من أن إسرائيل تحاول تقديم نفسها كداعم للأمن والاستقرار في المنطقة، فإن الواقع على الأرض يختلف تمامًا. الجيش الإسرائيلي، الذي يعتبر من أقوى الجيوش في المنطقة، يشن هجومًا مستمرًا على “حزب الله”، إلا أن الأخير، بحسب الخبراء العسكريين، يظهر مقاومة قوية. في مواجهة الهجمات الجوية الإسرائيلية، أطلق “حزب الله” صواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، ما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى بين الإسرائيليين.
العديد من المصادر العسكرية أكدت أن “حزب الله” بات يمتلك قدرات عسكرية متقدمة، وقد تمكّن من إسقاط العديد من الطائرات الإسرائيلية باستخدام صواريخ مضادة للطائرات، مما أدى إلى خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي. تزايدت المخاوف لدى القيادة الإسرائيلية من أن تتمكن المقاومة اللبنانية من فرض معادلة ردع جديدة، خاصة بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت الطائرات المسيّرة.
الوضع الإنساني والتداعيات الاجتماعية
لم تقتصر آثار الحرب على الدمار المادي فقط، بل امتدت لتشمل الحياة الاجتماعية في لبنان. فالحرب الدائرة أدت إلى نزوح جماعي لآلاف اللبنانيين من مناطقهم، وهو ما فاقم من الأزمة الإنسانية في البلد. أكثر من مليون ونصف المليون شخص أصبحوا بلا مأوى، وهم يعانون من شظف العيش وسط شح في المواد الغذائية والدوائية.
الحكومة اللبنانية، رغم محاولاتها المتواصلة لتقديم المساعدة، تواجه صعوبة كبيرة في التنسيق بين المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش اللبناني والمناطق التي يشرف عليها “حزب الله”. كما أن المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى كانت قد بدأت في إرسال مساعدات إنسانية، لكنها تواجه صعوبة في الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر.
ردود الفعل العربية والدولية
على المستوى العربي، أثار الهجوم الإسرائيلي ردود فعل غاضبة من العديد من الدول العربية، حيث عبرت الحكومات العربية عن استنكارها الشديد لما يحدث في لبنان، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار. كما نددت العديد من المنظمات الدولية بحقوق الإنسان بالانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان، إلا أن هذه الدعوات لم تلقَ صدى يذكر في الأوساط السياسية الدولية.
أما على الصعيد الدولي، فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الحليف الرئيسي لإسرائيل في هذه الحرب، حيث قدمت دعمًا غير محدود للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن هناك بعض الانتقادات الغربية تجاه تصرفات إسرائيل، إلا أن الدعم السياسي والعسكري استمر، مما أضاف مزيدًا من الضغط على لبنان والشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات المتزايدة.
إن الأوضاع في لبنان تزداد صعوبة يومًا بعد يوم، مع استمرار العدوان الإسرائيلي الذي يهدف إلى إضعاف المقاومة اللبنانية. إلا أن الشعب اللبناني، على الرغم من كل الألم والمعاناة، يواصل صموده في وجه العدوان، مؤكدًا أن الحرب لن تنكسر إرادته. ومع كل يوم يمر، تتساقط الضحايا وتزداد جراح الوطن، لكن الأمل في التحرير والعدالة يبقى نبراسًا يهتدي به أبناء هذا البلد.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر