كتاب تاريخي مُصوّر يكشف اهتمام أوروبا بالحضارة المصرية القديمة
كتاب تاريخي مُصوّر يكشف اهتمام أوروبا بالحضارة المصرية القديمة
لا يزال حتى وقتنا هذا ينبهر الأوروبيون بالحضارة المصرية القديمة، حتى وصل بهم الاهتمام والعشق لهذه الحضارة أن يتحدثوا عنها في كتب كثيرة.
هذا الأمر ليس بجديد على الحضارة المصرية القديمة، فكم من كُتاب ومؤرخين وعلماء آثار شغلتهم هذه الحضارة المصرية القديمة، التي لا تزال تحتفظ بأسرار لم يتوصل لها أحد رغم كم الاكتشافات القديمة والحديثة لها.
القاهرة- “د.ب.أ”: تدلنا المصادر التاريخية والمؤلفات التي وضعها علماء الآثار، وحتى تلك التي وضعها علماء الاجتماع الغربيين، على أن الآثار المصرية كانت ولا زالت تمثل صفحة مهمة في تاريخ الفكر الأوروبي بل والعالمي.
ونجد ذلك ثابتاً بوضوح في كتاب “أوروبا والآثار المصرية”، لمؤلفه بيتر فرانس، وهو الكتاب الذي تُبيّن لنا فصوله وصفحاته أثر الحضارة المصرية في أوروبا – حتى في عصر التنوير – فكراً وفناً وديناً.
وعلى مدار قرون مضت بقيت مصر مركز جذب للمستكشفين وعلماء الآثار، والفنانين والرحّالة والمؤرخين، فقد كانت مصر بحسب قول “بيتر فرانس” تعني كل شيء لكل شخص حسب تفكيره، حيث وجد فيها كل هؤلاء مصدراً يستلهمون منه نظرياتهم ومؤلفاتهم ونصوصهم الأدبية ولوحاتهم الفنية، إضافة إلى دراسة واستكشاف آثار أحد أعظم الحضارات الإنسانية في التاريخ.
وهكذا كانت مصر وحضارتها وآثارها موضوعا مهما لدى الكثير من الغربيين، الذين كان من بينهم الإيطالي “كارلو ريوا ردا” الذي اهتم بدراسة الأسرات المصرية القديمة وأهم أعمال فراعنتها، وقدم ذلك بطريقة جذابة في كتابه الذي حمل عنوان “التاريخ المصوّر لمصر القديمة”، والذي ترجمته ابتسام محمد عبدالمجيد، وراجعه وقدّم له الدكتور محمود ماهر طه، وصدر ضمن “مصريات” التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب.
وتحدثنا صفحات هذا الكتاب، عن تطوّر مصر القديمة في فترة زمنية تقارب 3500 عام، تعاقبت خلالها ثلاثون أسرة، وحوالي 150 حاكمًا منهم الشهير ومنهم دون ذلك، لدرجة أن التاريخ لا يكاد يذكر أسماء بعضهم.
ويرى “كارلو ريوا ردا” في مقدمة كتابه، أن هناك العديد من المشاكل المتعلقة بالتعاقب الزمني التي تعترض كل من يهتم بروعة وجاذبية الأحداث على أرض وادي النيل، وخاصة إن لم يكن دارسًا لعلم المصريات؛ حيث إن هذه الأحداث قد انتهت وقائعها عام ٣٩٥ ميلادية، أي منذ أكثر من ألف وستمائة عام.
وأقد كانت صياغة تسلسل زمني دقيق لملوك مصر الذين حكموا البلاد، وإعداد تاريخ موثوق به من أصعب مهام علماء المصريات.
وينؤّه “كارلو ريوا ردا”، إلى أنه كان يهدف من كتابه “التاريخ المصوّر لمصر القديمة”، إلى إعادة صياغة تاريخ مصر القديمة وفقاً للنظام التقليدي، ومن ثم فقد زوّد كتابه بقائمة بأسماء الحكام والأحداث، والأشخاص، والأماكن الأثرية، والمعارك الحربية، وأهم الاكتشافات التي تنتمي إلى كل هذه المنظومة التصورية حتى نصل في النهاية إلى التسلسل الزمني الصحيح لتلك الحقبة.
ويتضح لنا من مطالعة فصول وصفحات الكتاب، أن صور الأواني والقلائد والتوابيت والعربات الحربية تتيح لنا متابعة تطور المجتمع المصري، وكذلك الحال بالنسبة لوصف التماثيل والأهرام والمعابد الكبيرة التي تساعد على فهم أعمق للعلاقة الوطيدة التي تربط الفن بالدين والفرعون بالآلهة والمجتمع المدني بحكم الكهنة.
وتدلنا صفحات الكتاب، أن الكاهن المصري “مانيتون” الذي عاش في عصر الحكام البطالمة الأوائل (۳۲۳ ٢٤٠ قبل الميلاد)، أعدّ قائمة لم يصل إلينا منها إلا مختصر لأعمال المؤرخين مثل “جوليوس الأفريقي” (القرن الثالث الميلادي)، و”إيزبيو” (القرن الرابع الميلادي)، وذلك باستثناء بعض الخطوات التي انتهجها المؤرخ “يوسيفوس فلافيو” (عام ٧٠ ميلادية).
كما تدلنا أن “مانيتون” قسّم تاريخ مصر القديمة إلى واحد وثلاثين أسرة بدأت ـ بعد حكم الآلهة – بحكم “مينا”، وانتهت بحكم “الإسكندر الأكبر” الذي احتل البلاد عام ۳۳۲ قبل الميلاد.
وبحسب نصوص الكتاب، فقد هذا التسلسل الذي اتبعه الكاهن المصرى “مانيتون”، العديد من الأخطاء والأسماء المغلوطة والأحداث غير المتطابقة مع فترات الحكم.
واعتبر مؤلف كتاب “التاريخ المصوّر لمصر القديمة”، أن هناك معيناً لا ينضب لدراسة التاريخ المصرى القديم جاء إلينا من النقوش التي على جدران المعابد والمقابر، ومن القوائم الملكية التي أعدها المصريون القدماء أنفسهم.
ورأى أن “القائمة الملكية”، أو بردية الملوك” التي طالعها بالمتحف المصري في مدينة تورينو الإيطالية، تُعد إحدى أهم الوثائق التي يعتد بها لهذا الغرض.
وأضاف بأن هذه الوثيقة التي تعود إلى عصر الملك رمسيس الثاني، قام بدراستها عالم المصريات آلان جاردنر الذي اشترك مع هوارد كارتر في ترجمة النصوص الموجودة على جدران مقبرة الفرعون الذهبي الملك توت عنخ أمون، وقد سار على نهج قائمة ” الكاهن المصري “مانيتون”، وبدأ يحكم الآلهة الذي أعقبه حكم الملك “مينا” مؤسس الملكية المصرية القديمة، ثم أتبعها بأحد عشر عمودًا لنص يحمل أسماء الحكام الذين حكموا مصر حتى الأسرة السابعة عشرة (حوالي ١٥٨٠ قبل الميلاد).
كما اشتهرت بعض الوثائق المهمة مثل اللوحة الأولى والثانية في أبيدوس، المحفورة على جدران معبد الملك سيتي الأول، وهي تمثل الملك وهو بصحبة ابنه “رمسيس”، وداخل الخراطيش تمت كتابة أسماء ستة وسبعين ملكًا حكموا البلاد منذ الملك “مينا” وحتى قبل ولاية سيني الأول.
ونتعرف من فصول الكتاب على أن “قائمة الكرنك” التي تعود إلى عصر الملك تحتمس الثالث، ونقشت على أحد جدران مجمع المعابد الكبير في منطقة الكرنك الأثرية الشهيرة الواقعة في البر الغربي بمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، تحمل أسماء 64 حاكمًا منذ الأسرة الرابعة ولكن دون الالتزام بنظام تاريخي دقيق. بينما يحتوي “حجر بالرمو” على قائمة بأسماء ملوك عصر ما قبل الأسرات والملوك من الأسرة الأولى حتى الأسرة الخامسة.
وبحسب صفحات الكتاب، فقد وجد على أحد جدران مقبرة الكاتب تذري الذي عاصر فترة حكم الملك رمسيس الثاني، أسماء 58 ملكا.
ويلفت “كارلو ريوا ردا” في كتابه “التاريخ المصوّر لمصر القديمة”، إلى أن الصعوبات التي ارتبطت بإعادة بناء وإعادة صياغة التاريخ المصرى القديم، وتتابع الحُكّام ارتبطت أيضًا بعامل آخر على قدر كبير من الأهمية، ألا وهو: أن ملوك مصر من الأسرة الأولى حتى الأسرة الرابعة عند توليهم العرش، آنذاك، كانوا يحملون أربعة أسماء أصبحت خمسة فيما بعد بداية من الأسرة الخامسة.
كما يقول إنه بما أنه لم تستخدم كل هذه الأسماء في وقت واحد، وبما أن بعضها جرى استخدامها لأكثر من حاكم: فإن هذه القوائم تفتقر الكثير من الدقة إن لم يكن بالنسبة لحكام الدولة الحديثة، فعلى أقل تقدير بالنسبة للحكام الذين تركوا وثائق متباينة تؤكد عدم دقتها.
وقد ختم المؤلف كتابه بقائمة بأسماء جميع الملوك الذين حكموا مصر.
وقد جاء كتاب “التاريخ المصوّر لمصر القديمة”، لمؤلفه الإيطالي “كارلو ريوا ردا”، ليؤكد الولع الأوروبي بالحضارة المصرية القديمة، والهوس الغربي بآثار الفراعنة وتاريخ ملوكهم، وما حققوه من ريادة في شتى العلوم والفنون والآداب.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك وتويتر مصدر المعلومات والصور : omandaily