أخبار العالم

الصين تصنع المستقبل: كيف أصبحت الصين الأمة الأكثر تقدمًا في العالم خلال عقد واحد

هاني كمال الدين – القاهرة، 6 يناير 2025 – في ظل استعداد الحكومة الصينية لإعلان النتائج النهائية لمشروعها الضخم “صنع في الصين 2025″، الذي أُطلق في عام 2015، يتجلى للعالم كيف نجحت الصين في تحقيق طفرة تكنولوجية غير مسبوقة. كان الهدف من هذا المشروع الطموح هو تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، والاستغناء عن الواردات، وتعزيز الابتكار في جميع المجالات. وبعد مرور عقد من الزمن، أصبحت الصين نموذجًا يُحتذى به في التقدم التكنولوجي والصناعي، متجاوزة العديد من الدول المتقدمة.

من التبعية التكنولوجية إلى القيادة العالمية

عندما بدأ تنفيذ خطة “صنع في الصين 2025″، كانت السيارات التي تسير على طرق الصين تُصنع بشكل أساسي من قبل شركات غربية، بينما كانت الطائرات الأمريكية من “بوينغ” والأوروبية من “إيرباص” تهيمن على السماء. كانت المصانع الصينية تعتمد بشكل كبير على الآلات والمعدات المستوردة، في حين أن الرقائق الإلكترونية وأنظمة التشغيل والبرمجيات لأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة كانت تأتي بشكل رئيسي من الولايات المتحدة.

حتى قواعد البيانات التي تستخدمها البنوك الصينية كانت تُصمم وتُدار من قبل شركات متعددة الجنسيات، معظمها أمريكية. في ذلك الوقت، كانت الصين تحتل موقعًا متواضعًا في سلسلة التوريد العالمية، حيث كانت تُنتج بشكل أساسي سلعًا منخفضة التكلفة ومتخلفة تكنولوجيًا، مثل الألعاب والأثاث والمنسوجات والأحذية.

اليوم، تغير المشهد تمامًا. لم تعد الصين تتبع التكنولوجيا الأمريكية، بل أصبحت هي الرائدة في العديد من المجالات. فالأمريكيون يشترون الهواتف الصينية بدلًا من “آيفون”، والألمان يقودون السيارات الكهربائية الصينية من شركة “بي واي دي” بدلًا من سيارات “مرسيدس” الألمانية.

نظام “قووانغ” الصيني: منافسة قوية لـ”ستارلينك” الأمريكية

أحد أبرز الأمثلة على التقدم الصيني هو نظام الاتصالات الفضائية “قووانغ”، الذي يُعتبر المنافس الرئيسي لنظام “ستارلينك” الأمريكي. بينما تعتمد “ستارلينك” على صواريخ “سبيس إكس” لإطلاق الأقمار الصناعية، قامت الصين بتطوير صاروخها الحامل الخاص، وهو “تشانغتشنغ-5B” (المعروف أيضًا باسم “المسيرة العظيمة”).

تميزت الصين بتصميم فريد للأقمار الصناعية داخل الصاروخ، حيث تم ترتيبها في طبقتين متحدة المركز حول أسطوانة دعم مركزية. هذا التصميم يُحسن من استغلال المساحة ويقلل من مخاطر التصادم أثناء الإطلاق. على عكس “ستارلينك”، التي تطلق عشرات الأقمار الصناعية في وقت واحد باستخدام آلية زنبركية، فإن النظام الصيني يعتمد على إطلاق مجموعات منفصلة من الأقمار، مما يجعله أكثر أمانًا وموثوقية.

التفوق في الحوسبة الكمومية: “زو تشونغ تشي 3.0” يتفوق على “جوجل”

في مجال الحوسبة الكمومية، أعلن العلماء الصينيون عن تطوير معالج كمومي جديد يُدعى “زو تشونغ تشي 3.0″، والذي يضم 105 كيوبتات (وحدات المعلومات الكمومية). هذا الإنجاز يضع الصين في مصاف الدول الرائدة في السباق العالمي لتطوير أقوى أجهزة الكمبيوتر الكمومية.

جاء هذا الإعلان بعد أسبوع واحد فقط من إعلان “جوجل” عن معالجها الكمومي “ويلو”، الذي يمتلك نفس القدرة من الكيوبتات. ومع ذلك، أكد فريق البحث الصيني بقيادة البروفيسور “بان جيان وي” من جامعة العلوم والتكنولوجيا الصينية أن “زو تشونغ تشي 3.0” يتمتع بدقة واستقرار عاليين، مما يجعله منافسًا قويًا للتكنولوجيا الأمريكية.

تستخدم الحواسيب الكمومية الكيوبتات بدلًا من البتات التقليدية، مما يسمح لها بمعالجة المعلومات بشكل أسرع وأكثر كفاءة. على سبيل المثال، يمكن لجهاز كمومي صيني أن ينفذ مهمة معقدة في دقائق معدودة، بينما قد يستغرق الكمبيوتر العملاق التقليدي سنوات لحل نفس المهمة.

ثورة تكنولوجية غير مسبوقة

تُعتبر الحوسبة الكمومية نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا، تشبه الانتقال من الآلة الكاتبة إلى الكمبيوتر، أو من التصوير الفوتوغرافي التقليدي إلى الرقمي. هذه الثورة التكنولوجية تُظهر كيف نجحت الصين في تحقيق أهدافها الطموحة، بينما فشلت دول أخرى في تحقيق نفس النجاح.

على سبيل المثال، أطلقت روسيا في عام 2014 برنامجًا لاستبدال الواردات، لكنها لم تتمكن من تحقيق إنجازات مماثلة في مجالات مثل السيارات الكهربائية وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية.

الصين تُعيد تعريف المستقبل

بفضل مشروع “صنع في الصين 2025″، أصبحت الصين قوة تكنولوجية وعلمية لا يُستهان بها. من الاتصالات الفضائية إلى الحوسبة الكمومية، تثبت الصين أنها قادرة على قيادة العالم نحو مستقبل أكثر تقدمًا. ومع استمرارها في تحقيق إنجازات غير مسبوقة، يُتوقع أن تظل الصين في طليعة الابتكار التكنولوجي في العقود القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى