“الإنسانية أقوى من الكراهية”: دعوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة كراهية الإسلام

“الإنسانية أقوى من الكراهية”: دعوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة كراهية الإسلام
جاء ذلك في رسالته للجمعية العامة التي أقامت اجتماعا اليوم الجمعة لإحياء اليوم الدولي ومناقشة المساعي الدولية لمحاربة هذه الآفة. وقال السيد غوتيريش إن شهر رمضان المبارك أقبل فيما يعيش العديد من المسلمين في جو من “الخوف من التمييز والإقصاء، بل وحتى الخوف من العنف”.
وأكد أن ظاهرة التعصب ضد المسلمين تتنامى، وهي تتجسد “في إجراءات التصنيف العنصري، والسياسات التمييزية المنتهكة لحقوق الإنسان وكرامته”، والعنف ضد الأفراد ودور العبادة.
وشدد على أن هذا الواقع ليس سوى مظهر من آفة أوسع نطاقا قوامها التعصب والأيديولوجيات المتطرفة والاعتداءات ضد الطوائف الدينية والفئات المستضعفة.
وقال: “ولكن كلما تعرضت فئة من الفئات للاعتداء، أصبحت حقوق وحريات جميع الفئات الأخرى عرضة للخطر. لذا يجب علينا، بوصفنا أسرة عالمية، أن ننبذ التعصب ونستأصل شأفته. ويجب على الحكومات أن تعزز التماسك الاجتماعي وأن تشمل الحرية الدينية بالحماية. ويجب أن تكبح المنصات الإلكترونية جماح خطاب الكراهية والتحرشات. ويجب علينا جميعا أن نجهر بمناهضة التعصب وكراهية الأجانب والتمييز”.
ألقى رسالة الأمين العام للأمم المتحدة السيد إيرل كورتيناي راتراي، رئيس ديوانه، الذي حضر الاجتماع بالنيابة عنه، حيث بقوم السيد غوتيريش بزيارة إلى بنغلاديش – صام وأفطر خلالها مع لاجئي الروهينجا كجزء من تقليده السنوي الراسخ للتضامن مع المجتمعات المسلمة المهمشة حول العالم.
مبادرات تبعث الأمل
وبصفته الشخصية، قال السيد راتراي إن المجتمع الإسلامي العالمي يضم ما يقرب من ملياري شخص يجسدون تنوعا ثقافيا وإثنيا ولغويا استثنائيا، مؤكدا أن “هذا النسيج من الإنسانية لا يمثل ثراء التقاليد الإسلامية فحسب، بل يمثل أيضا القيم العالمية للسلام والرحمة والكرامة التي تثري مجتمعنا العالمي المشترك”.
وأكد السيد راتراي أن تطبيع خطاب الكراهية والتمييز “يضعف نسيج إنسانيتنا”، ودعا الجميع إلى الوقوف ضد التحيز والقضاء على التعصب بجميع أشكاله.
وأعرب عن ارتياحه للعديد من المبادرات بين الأديان في جميع أنحاء العالم التي يجتمع فيها القادة الدينيون لتقديم أمثلة قوية على الحوار والوئام. وأشار بشكل خاص إلى إعلان “الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك” – الذي شارك في صياغته قداسة البابا فرانسيس وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر – والذي “يظل نموذجا للتعاطف والتضامن الإنساني”.
وقال المسؤول الأممي: “هذه المبادرات تُذكرنا بأن إنسانيتنا المشتركة تتجاوز اختلافات المعتقدات والثقافة والخلفيات. لذا، في هذا اليوم المهم، دعونا نتضامن مع المسلمين في جميع أنحاء العالم. دعونا نجدد التزامنا بالتعليم والحوار والتفاهم عبر الاختلافات الدينية والثقافية”.

امرأة مسلمة تقف أمام مسجد النور في ديلي، وهو أكبر مسجد في تيمور- ليشتي.
جزء من مشكلة أوسع نطاقا
من جانبه، قال الممثل السامي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، ميغيل أنخيل موراتينوس، إن التمييز ضد المسلمين ليس نمطا معزولا، بل هو جزء من “عودة ظهور القومية العرقية والنازية الجديدة وأيديولوجية تفوق العرق الأبيض والعنف الذي يستهدف الفئات الضعيفة، بما في ذلك المجتمعات المسلمة واليهودية والأقليات المسيحية، وغيرها من الطوائف الدينية”.
وشدد السيد موراتينوس على أنه يجب السماح لشعوب العالم بممارسة شعائرهم الدينية بسلام ودون خوف، وأن تكون جميع أماكن العبادة والتأمل “ملاذات آمنة، لا مشاهد للإرهاب أو سفك الدماء”.
وقال إن السماح باستمرار “الكراهية السامة” ضد طائفة دينية دون معالجة سيؤدي إلى “إشعال فتيل الكراهية” ضد الديانات الأخرى. وأضاف: “يجب استئصال جميع أشكال الكراهية متى وأينما حدثت.
وهذا يعني الدفع نحو سياسات تحترم حقوق الإنسان وتحمي الهويات الدينية والثقافية، ولا سيما الأقليات. وهذا يعني الاستثمار في التماسك الاجتماعي من خلال تشجيع المبادرات التي تعزز الحوار والاحترام المتبادل وحماية حقوق الإنسان وكرامة الجميع”.
وضع النساء والشباب في الصدارة
أما رئيس الجمعية العامة، السيد فيليمون يانغ، فقال إن اليوم الدولي يُقام خلال شهر رمضان المبارك، الذي “تتجلى فيه عظمة الإسلام العميقة عالميا كدين سلام ورحمة ومجتمع”.
لكنه أشار إلى إن المتطرفين يستخدمون الإسلام “كسلاح”، وينشرون الخوف والكراهية لتحقيق أهدافهم الخبيثة، مما له آثار خطيرة على الغالبية العظمى من المسلمين وغيرهم من العابدين المسالمين.
وأضاف: “لا يمكننا قبول إساءة استخدام الإسلام لأغراض خبيثة، ولا يمكننا السماح للإسلاموفوبيا (كراهية الإسلام) بالتحريض على الكراهية غير المبررة والهجمات العنيفة ضد مجتمع بأكمله”.
وقال إن النساء المسلمات على وجه الخصوص يواجهن عداء متزايدا بسبب “التصوير الجائر للغاية لهن على أنهن مضطهدات بسبب دينهن”. وسلط الضوء على ضرورة استخدام كل الوسائل الحكومية والإعلامية والتعليمية والمجتمعية للنهوض بسياسات تحترم حريات الدين والمعتقد لجميع الشعوب في كل مكان.
وقال إنه يجب إعطاء “مكانة الصدارة للنساء والشباب” في هذه الجهود باعتبارهم عوامل للتغيير. وأضاف: “إنهم يمتلكون القدرة على ترسيخ العدالة والإدماج في سياساتنا على المستويات المحلية والوطنية والعالمية”.

مسجد الشيخ زايد الكبير بدولة الإمارات العربية المتحدة.
“الإنسانية أقوى من الكراهية”
قال الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، إن “رهاب الإسلام” ينشأ في غالب أحواله عن قلة أو انعدام المعرفة بالإسلام، وعن التأثر بالخطاب السياسي والشعبي المتطرف، أو نتيجة الحكم على الإسلام من خلال تصرفات فئات معزولة “لا تمثل المسلمين ولا صلة لها بحقيقة الإسلام – وهي توجه تطرفها العنيف والإرهابي للداخل الإسلامي مثل غيرها، والواقع شاهد على ذلك”.
وأكد أن رهاب الإسلام ليس في تحليله المنطقي خوفا من الإسلام، “بل هو في الواقع خوف من المعرفة، وخوف من الحقيقة، وخوف من الاعتراف بأننا جميعا بشر متساوون في الكرامة الإنسانية والحقوق”.
كما شدد الشيخ العيسى على أن رهاب الإسلام لا يضر المسلمين وحدهم، بل يعزز التطرف والانقسامات داخل المجتمعات المتنوعة، “ويعتبر وفق مفاهيم الكراهية في طليعة مهددات تحقيق المواطنة الشاملة التي تنص عليها الدساتير المتحضرة والقوانين والمبادئ والأعراف الدولية”.
وقال إن على المجتمع الدولي مسؤولية بناء عالم يسوده التسامح والمحبة واستيعاب حتمية الاختلاف والتنوع والتعدد، “وأن الخالق جل وعلا لم يقض بهذه السنن الكونية لنتصارع ونتحارب، بل لنتقارب ونتعارف ونتفاهم”.
وأكد أن على المجتمع الدولي مسؤولية المساهمة في تعزيز الوعي، “بخاصة في عقول الصغار والشباب، لتكون محصنة من اختراق سلوك الكراهية لأفكارهم – فالإنسان لا يولد وهو يكره، ولكن يتم تعليمه الكراهية. لذا علينا مسؤولية ألا نسمح بتعليمه الكراهية”.
وقال إن هذا اليوم ليس يوما لمكافحة رهاب الإسلام فحسب، “بل هو يوم لإثبات أن الإنسانية أقوى من الكراهية، وأن الحب أقوى من الخوف، وأن العدالة أقوى من التسلط والبغي”.
آفة متجذرة في التاريخ
من جانبه قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه إن تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في بعض الخطابات السياسية والاجتماعية “يهدد مبادئنا الأساسية للكرامة الإنسانية”، ويتطلب عملا جماعيا واستجابة مبتكرة.
وفي رسالة فيديو إلى المجتمعين، أكد أن الحوار “أساسي لبناء جسور تفاهم دائمة”، داعيا إلى تجديد الالتزام “بخلق عالم يمكن فيه للجميع ممارسة دينهم بحرية كاملة، حيث يصبح التنوع ثراء ثقافيا، وينتصر الاحترام المتبادل على التحيز”.
وبالنيابة عن أعضاء منظمة التعاون الإسلامي، قال السفير الباكستاني منير أكرم إن ظاهرة كراهية الإسلام متجذرة في التاريخ. وعلى الرغم من معايير حقوق الإنسان والتسامح التي تطورت على مدى الثمانين عاما الماضية، أكد أن الكراهية والتعصب قد انتشرا في الآونة الأخيرة، وخاصة ضد المسلمين.
وشدد على أن التحيز ضد المسلمين يُؤجج بدلا من أن يقمع في أماكن كثيرة، وأن “المذبحة التي شهدناها في غزة مثالٌ واضحٌ آخر على الكراهية والعنصرية المعادية للإسلام”.
وقال السيد أكرم إن الإسلاموفوبيا لا تقتصر على منطقة واحدة، بل تُستخدم الآن “كمنفذٍ للتقدم السياسي والشعبوية، تُغذي أسوأ غرائز الإنسان من خوف وتعصب وكراهية”، داعيا الحكومات إلى ضمان أن تعكس سياساتها وقوانينها التزاما لا لبس فيه بالتسامح الديني.
وأضاف: “لا يمكن لأي دولة أن تدعي أنها ديمقراطية حقيقية بينما تُنفر وتُهمّش مواطنيها المسلمين بشكل ممنهج”.
وأعرب السفير الباكستاني عن تقدير أعضاء منظمة التعاون الإسلامي لجهود بعض الدول الغربية، بما في ذلك السويد والدنمارك، التي سنت قوانين لمعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا، بما في ذلك تجريم أعمال تدنيس المصاحف، “وضمان عدم إساءة استخدام حرية التعبير بما يثبت نشر الكراهية والتعصب”، وحث جميع الدول على أن تحذو حذوها.
حدود حرية التعبير
وباسم المجموعة العربية، قال السفير الأردني محمود ضيف الله الحمود إن اجتماع اليوم يمثل محطة جوهرية في تعزيز الجهود الدولية لمواجهة تصاعد موجات الكراهية والتمييز ضد المسلمين، وترسيخ مبادئ احترام الأديان، والتسامح والتعايش السلمي.
وأكد أن هناك تزايدا مقلقا في خطاب الكراهية والتحريض على العنف والتمييز ضد المسلمين، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشددا على أن حرية التعبير “لا ينبغي أن تستخدم أداة لنشر التعصب وتأجيج الفتن”.
وقال إن المجموعة العربية تؤكد على أهمية رصد وتحليل محتوى الإعلام والمنصات الرقمية “لمكافحة الصور النمطية السلبية بالتعاون مع شركات التواصل الاجتماعي، ووضع مدونة سلوك تحظر التحريض على الكراهية”.
ودعا إلى إيجاد إطار قانوني دولي لمحاربة الإسلاموفوبيا، وإنشاء آليات مساءلة لمحاسبة مرتكبي جرائم الكراهية وضمان دعم الضحايا. وقال إن المجموعة العربية تتطلع إلى تعيين السيد ميغيل مارتينز مبعوثا خاصا للأمم المتحدة معنيا بمكافحة الإسلاموفوبيا، بما يسهم في تنسيق الجهود الدولية للتصدي لهذه الظاهرة المتفاقمة.
يذكر أن الجمعية العامة كانت قد حددت يوم 15 آذار/مارس للاحتفال باليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام في عام 2022، وبهذه المناسبة تبنت قرارا العام الماضي بعنوان: “تدابير مكافحة كراهية الإسلام”.
ويدعو القرار، من بين أمور أخرى، إلى تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة معني بمكافحة الإسلاموفوبيا. كما يدين أي دعوة إلى الكراهية الدينية والتحريض على التمييز أو العداوة أو العنف ضد المسلمين “كما يبدو من تزايد حوادث تدنيس كتابهم المقدس والهجمات التي تستهدف المساجد والمواقع والأضرحة”.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : un