الولايات المتحدة تُنهي عهد “تصدير الديمقراطية”: بداية مرحلة جديدة في السياسة الخارجية

القاهرة: هاني كمال الدين
في خطوة استراتيجية غير مسبوقة، تعلن الولايات المتحدة عن إيقاف جهودها في “تصدير الديمقراطية” إلى الخارج، وذلك في إطار سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى إعادة صياغة أولويات السياسة الخارجية. مع الإصلاحات التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي ماركو ريبيو، تراجعت القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان والديمقراطية عن الأجندة الخارجية، لتحل محلها المصالح الوطنية الأمريكية، في تحول يعكس التوجه الجديد للولايات المتحدة في علاقتها مع العالم.
إصلاحات وزارة الخارجية: تغييرات جذرية في النهج الأمريكي
أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو ريبيو عن إصلاحات واسعة النطاق في هيكل وزارة الخارجية الأمريكية، وذلك في خطوة تهدف إلى تقليص دور الوزارة في نشر القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارج. تتضمن الإصلاحات إلغاء العديد من الهيئات والأقسام التي كانت تدير برامج حقوق الإنسان، بما في ذلك مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان، ووكالة التنمية الدولية الأمريكية (USAID). هذه الخطوة تهدف إلى تقليص البيروقراطية وتركيز الجهود على المصالح الأمريكية فقط.
زيارة ترامب الابن إلى هنغاريا: رسالة دبلوماسية غير مباشرة
في تطور ملحوظ، يقوم دونالد ترامب الابن، نجل الرئيس الأمريكي السابق، بزيارة إلى هنغاريا، في خطوة تثير العديد من التساؤلات حول طبيعة العلاقات الأمريكية الجديدة مع هذا البلد. رغم أن ترامب الابن لا يشغل منصبًا رسميًا في الإدارة الحالية، إلا أن زيارته، التي تتم بعد أيام قليلة من إعلان ريبيو عن الإصلاحات، تكتسب دلالة كبيرة. سيلتقي ترامب الابن بوزير الخارجية الهنغاري، بيتر سيجارتو، في زيارة تعتبر خطوة رمزية نحو إعادة توثيق العلاقات مع حكومة رئيس الوزراء فيكتور أوربان التي كانت قد تعرضت لانتقادات واسعة في عهد إدارة بايدن.
إلغاء برامج حقوق الإنسان: نهاية لحقبة التدخل الأمريكي
في إطار الإصلاحات، أعلنت الولايات المتحدة عن إلغاء عدد من البرامج الحيوية التي كانت تروج لحقوق الإنسان والديمقراطية في الخارج. من أبرز هذه الخطوات، إغلاق مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي كان يشرف على انتقاد حكومات الدول التي تُعتبر مناوئة لسياسات واشنطن، مثل حكومة أوربان في هنغاريا. كما تم إلغاء وكالة التنمية الدولية (USAID) التي كانت تعمل على تقديم الدعم للدول النامية في مجالات مختلفة من بينها حقوق الإنسان.
إعادة هيكلة الوزارة: التركيز على المصالح الأمريكية
تُعد الإصلاحات الجديدة جزءًا من خطة شاملة لإعادة هيكلة وزارة الخارجية الأمريكية، بحيث يتم تقليص عدد الموظفين والأقسام غير الحيوية. يتضمن هذا التخفيض إلغاء حوالي 734 وظيفة و132 برنامجًا، ما يمثل حوالي 15% من إجمالي موظفي الوزارة. وبحسب ريبيو، تهدف هذه التغييرات إلى تقليل البيروقراطية والتركيز على حماية المصالح الأمريكية بعيدًا عن التدخلات في قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
التأثير على العلاقات الدولية: تحولات كبيرة في الدبلوماسية الأمريكية
هذه الإصلاحات قد تترك تأثيرًا كبيرًا على سياسة الولايات المتحدة تجاه الدول الأخرى، خاصة في ما يتعلق بالتعاون مع الحكومات التي لا تتبنى نفس القيم الديمقراطية التي تروج لها واشنطن. زيارة ترامب الابن إلى هنغاريا هي مجرد مثال على التغيرات التي تشهدها العلاقات الدولية، حيث تُظهر هذه الزيارة تقاربًا جديدًا بين الولايات المتحدة وحكومة أوربان التي كانت تلاقي الكثير من الانتقادات في ظل الإدارة السابقة.
التخلي عن القضايا العالمية: تغيير في أولويات واشنطن
وفقًا للتقارير المنشورة، يُعتبر التحول في السياسة الأمريكية مؤشرًا على تخلي واشنطن عن سياسة التدخل في شؤون الدول الأخرى عبر نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان. بدلًا من ذلك، تركز الولايات المتحدة الآن على تعزيز مصالحها الوطنية فقط، دون الانخراط في قضايا خارجية قد تشكل عبئًا على السياسة الداخلية. هذا التحول قد يعزز الاستقرار الداخلي للولايات المتحدة، لكنه قد يُعرّضها لبعض الانتقادات من قبل الدول التي كانت تعتمد على دعم واشنطن في قضايا حقوق الإنسان.
مرحلة جديدة في السياسة الأمريكية
مع هذه التغيرات، يبدو أن الولايات المتحدة تدخل مرحلة جديدة في سياستها الخارجية، حيث تبتعد عن نشر القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتتحول نحو مصالحها الوطنية. من المرجح أن يكون لهذه الإصلاحات تأثير بعيد المدى على العلاقات الدولية، وقد تكون هنغاريا وغيرها من الدول التي تتبع سياسات غير ديمقراطية في موقف مستفيد من هذا التحول.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر