تقارير

“مارك كارني” يتربع على عرش رئاسة وزراء كندا بعد فوز الحزب الليبرالي في الانتخابات المبكرة 2025

كتبت: فاطمة إسماعيل

 في انتخابات برلمانية مبكرة شهدتها كندا في 28 أبريل 2025، حقق الحزب الليبرالي بقيادة مارك كارني فوزًا حاسمًا، مما مكنه من استعادة السيطرة على الحكومة الفيدرالية. هذا الانتصار جاء في وقت حساس، حيث كان التوتر التجاري مع الولايات المتحدة في ذروته بسبب فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لرسوم جمركية ثقيلة على السلع الكندية. فوز كارني بمقعد رئيس الوزراء يُعد فصلًا جديدًا في مسيرته السياسية بعد سنوات من الخبرة الدولية في مناصب اقتصادية رفيعة.

النتائج الأولية للانتخابات:

بحسب تقارير من شبكتي CTV وCBS، أشارت النتائج الأولية إلى أن الحزب الليبرالي فاز بـ 158 مقعدًا من أصل 343 في مجلس العموم الكندي، بينما حصل حزب المحافظين على 148 مقعدًا. وكان الحزب الديمقراطي الجديد (NDP) قد حصل على 10 مقاعد، فيما حصلت كتلة كيبيك على 25 مقعدًا. ومن المعروف أن الأغلبية المطلقة تتطلب 172 مقعدًا، ما يعني أن كارني سيشكل حكومة أقلية تحتاج إلى التعاون مع الأحزاب الأخرى لتمرير التشريعات الأساسية.

مارك كارني: من محافظ بنك إلى رئيس وزراء

مارك كارني، البالغ من العمر 60 عامًا، تمكن من تخطي منافسيه الرئيسيين من حزب المحافظين، وفي مقدمتهم بيير بويليفر، الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة في بداية الحملة الانتخابية. يشتهر كارني بخبرته الطويلة في مجال الاقتصاد والإدارة المالية، حيث شغل منصب محافظ بنك كندا ثم رئيسًا للبنك المركزي الإنجليزي. وقد استفاد الحزب الليبرالي من هذه الخبرة العالمية ليحقق انتصارًا غير متوقع في الانتخابات، وهو ما ساعده في كسب ثقة الناخبين، حيث كانت معدلات تأييده في استطلاعات الرأي أعلى من بويليفر بنسبة كبيرة.

مبادرة الانتخابات المبكرة: رؤية كارني للتغيير

فاجأ مارك كارني الجميع عندما قرر الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة في مارس 2025، رغم أن الانتخابات كانت مقررة في أكتوبر من نفس العام. قرار كارني جاء في وقت كانت فيه شعبية رئيس الوزراء السابق، جاستن ترودو، قد تراجعت بشكل حاد، مما دفعه للاستقالة في يناير 2025. كان كارني يهدف إلى تجديد القيادة الحزبية ورفع معنويات الناخبين الليبراليين، وهو ما تحقق في نهاية المطاف بفوزه الساحق في الانتخابات.

خلفية مارك كارني ومسيرته المهنية

قبل دخوله عالم السياسة، كان مارك كارني أحد كبار الاقتصاديين في العالم، حيث بدأ مسيرته المهنية في القطاع المالي في شركة “غولدمان ساكس”، ثم انتقل إلى بنك كندا في عام 2003. وفي عام 2007، تم تعيينه محافظًا للبنك المركزي الكندي، حيث أظهر قدرات استثنائية في مواجهة الأزمة المالية العالمية لعام 2008. بعدها، في عام 2013، تم تعيينه رئيسًا للبنك المركزي الإنجليزي، ليكون أول شخص غير بريطاني يشغل هذا المنصب التاريخي.

ومع التحديات الكبرى التي شهدتها بريطانيا خلال فترة حكمه، مثل الاستفتاء على استقلال اسكتلندا وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، أثبت كارني مهاراته في إدارة الأزمات المالية. وكان قد حصل على الجنسية البريطانية والأيرلندية قبل أن يعود إلى كندا في عام 2024 ليترأس مجموعة عمل الحزب الليبرالي للنمو الاقتصادي.

مارك كارني: السياسات الاقتصادية في ظل التحديات العالمية

من خلال كلماته وتصريحاته، كان كارني قد ركز على العديد من القضايا الاقتصادية المهمة التي شغلت الرأي العام في كندا. كان من أبرز القضايا التي تناولها ملف العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فبعد أن فرض ترامب رسومًا جمركية على الواردات الكندية، وصف كارني هذه الرسوم بأنها “هجوم مباشر” على الاقتصاد الكندي، وهدد برد قاسٍ في حال استمر هذا التصعيد.

السياسة الخارجية لكندا في عهد كارني

أكد كارني على ضرورة بناء علاقة جديدة مع الولايات المتحدة، مهددًا باستخدام التعريفات الانتقامية إذا استمرت السياسة التجارية العدائية من قبل ترامب. كما وعد بتعزيز الشراكات التجارية مع دول أخرى، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، وتحقيق توازن في العلاقات الاقتصادية الدولية لكندا. هذه السياسة ستشمل أيضًا دعم الصناعات الكندية المتضررة من الرسوم الجمركية الأمريكية، مثل صناعة الفولاذ والألمنيوم.

على الرغم من الضغوط الاقتصادية التي فرضتها الأزمة التجارية، أشار كارني إلى أن كندا تمتلك القدرة على التحمل وأنه لا حاجة للاستعجال في توقيع صفقات تجارية غير مواتية. وقد أضاف أيضًا أنه سيستمر في دعم العمال الكنديين المتضررين من التعريفات الجمركية، مع تقديم إعفاءات ضريبية ودعم مالي للأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض.

الأولويات الداخلية لحكومة كارني

من بين أولويات حكومة كارني تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي من خلال تعزيز سوق العمل، وتوفير فرص العمل، ودعم قطاعات الصحة والإسكان. كما تعهد بتكثيف جهود كندا في مواجهة التحديات البيئية، خصوصًا في مجال الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات.

كما أكد كارني على التزام حكومته بتحديث النظام الصحي الكندي وتوسيع خدمات الرعاية الاجتماعية، في محاولة لمواجهة أزمة تكلفة المعيشة التي يعاني منها العديد من المواطنين. كما أن سياسة الإسكان ستكون من أولوياته، حيث يسعى إلى مضاعفة وتيرة بناء المنازل الجديدة لتلبية الطلب المتزايد.

حظي فوز مارك كارني في الانتخابات البرلمانية الكندية 2025 باهتمام كبير من قبل الإعلام الكندي والدولي، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية الكبرى التي تواجه كندا على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومع بقاء كارني في منصب رئيس الوزراء، يتطلع الكثيرون إلى سياساته التي من المتوقع أن تركز على استعادة الاستقرار الاقتصادي في ظل التوترات التجارية العالمية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
Scan the code
مرحبا 👋
كيف يمكنا مساعدتك؟