الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي "البناء الأخلاقي وأثره على الاستقرار المجتمعي"
عقد منتدى الأزهر للقضايا المعاصرة اجتماعه الأسبوعي تحت عنوان “البناء الأخلاقي وأثره في الاستقرار المجتمعي”. الدكتور عبد الله عزب العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور مجدي عبد الغفار رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية الأسبق بكلية أصول الدين، والدكتور هاني عودة المدير العام من الجامع الأزهر.
وأوضح الدكتور مجدي عبد الغفار أن البنية الأخلاقية من أهم القضايا التي يجب أن نتناولها؛ فالإصلاح ينقذ المجتمع، وإصلاح المجتمع دليل على خلاصه من الدمار. قال الله تعالى: “والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر إن نعمة التواصل بين أركان المجتمع هو اللبنة الأولى” لبناء مجتمع تتنوع فيه الصفات الحميدة. فهو يعتبر بنياناً للمجتمع، أما الصفات المذمومة فتعتبر هدماً لهذا البنيان. فكلما اتسعت الصفات المحمودة، اتسع البنيان مذموما، وكانت السلوكيات المذمومة سببا في هدمه.
وأشار إلى أن الجانب الأخلاقي والسلوكي هو ما أرسل من أجله. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: «ما بعثت إلا لأتمم مكارم الأخلاق». وهو قمة الأخلاق، وكان صلى الله عليه وسلم مشهوراً بحسن الخلق قبل البعثة وبعدها. وكان قبل البعثة يُلقب بالصادق الأمين. وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم طوال حياته بحسن الخلق. قال: «إن أحبكم مني وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحسنكم خلقاً». وحسن الخلق يقربنا من مجلسه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة». الفردوس الأعلى .
وأضاف: الصدق هو حجر الزاوية في استقرار المجتمع. فكم من مجتمعات دمرها الكذب والخداع والخيانة والتدنيس. إن المجتمعات تبنى على الصدق والأمانة. إذا وجدت الأمانات في… فالمجتمعات لها بنيان سليم وقوي، وإذا لم توجد تهدم البناء، ويجب أن يتحلى جميع أفراد المجتمع بالأخلاق الحميدة. ولا خير في عبد حسن الهيئة، حسن الصوت عند قراءة القرآن، طويل السجود في الصلاة، سيئ الأخلاق. ولا يقوم الإنسان إلا بحسن الأخلاق والسلوك بعد الإيمان السليم والسلامة. يعبد؛ وما فائدة الصلاة والعبادة إذا لم يكن هناك إخلاص؟ الصلاة والعبادات شملت الأخلاق. وفي الصلاة قال الله تعالى: «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، وفي الزكاة قال الله تعالى: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها». وفي الصيام قال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”. وفي الحج قال ﴿الحج من الأشهر المعلومة﴾. فمن فرض الحج فيه فلا رفث ولا فحش ولا قتال أثناء الحج. ﴿ اشتملت العبادات على الصفات الحميدة والأخلاق الحميدة. ومن لم يخلص في عباداته فلن تقبل منه، وقد وضعت شعائر لتغيير الطرق، وإذا غيرت الشعائر الطرق، وجد الأمثال في الأمة الشافعي ومالك وإذا لم يتغير ستفقد الأمة عواصمها وممالكها.
من جانبه أكد الدكتور عبد الله عزب أن الأديان السماوية تركز بشكل كبير على الجانب الأخلاقي، وأوضح أن الدين ينقسم إلى ثلاثة أركان رئيسية: العقيدة، والشريعة، والأخلاق. ولا تقبل معتقداً أو عبادة دون أخلاق، لافتاً إلى أن الأخلاق في الدين الإسلامي تحتل مرتبة عالية وتصل إلى مرتبة الإحسان. وأستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن البر فقال: " “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”. وأضاف الدكتور عزب أن العبادة بدأت لترسيخ القيم الأخلاقية. كل عبادة تتضمن جانباً معنوياً، كالصلاة التي تتطلب التواضع والتواضع، والزكاة التي تعكس روح الطهارة والتقوى، والصوم الذي يتضمن الشعور بالفقراء، والحج الذي يتساوى الجميع في أدائه، لذلك هناك جانب أخلاقي. ولا فرق بين الغني والفقير. وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لخص هدف رسالته بقوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وعندما سئل عن الدين أجاب: "الدين هو الأخلاق الحميدة."
وشدد على أن الجانب الأخلاقي يشمل الدين كله، فمن تفوق في الأخلاق تفوق عليك في الدين، واعتبر أن الأخلاق في الإسلام كالروح بالنسبة للجسد، فالعبادة بلا أخلاق كالجسد بلا روح، و وأشار إلى أن هناك فصلا حاليا بين السلوك والعبادة، فهناك من يصلي ويصوم ويؤتي الزكاة، لكنهم يتركون الأخلاق الحميدة ويتخذون الأخلاق المذمومة.
وفي ذات السياق أكد الدكتور هاني عودة أن البنية الأخلاقية تذكرنا بالتبني بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم. الذي كان قدوة حسنة، وأثنى عليه ربه بقوله تعالى: “وإنك لأعظم خلقا”. وقالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه: “كان خلقه القرآن”.
كما يدل البناء الأخلاقي على ضرورة الزينة. وبأخلاق الأمة الإسلامية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحل حلال الله وتحرم حرامه، دعا الدكتور عودة الشباب إلى التحلي بكل الأخلاق الحميدة وترك كل مذموم من الأخلاق. . ودعا كافة المهنيين إلى الصدق في عملهم والصدق في تعاملاتهم. كما نبه الأطباء إلى ضرورة الصدق مع مرضاهم، والمدرسين إلى التزام الصدق مع طلابهم، وأن يتقوا الله في الرسالة التي يحملونها. وأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة قبل بعثته، إذ كان يسمى بالصادق الأمين، وبعد بعثته قال الله تعالى عنه: “وإنك ل على خلق عظيم.”
وأضاف أن البناء الأخلاقي هو نتيجة لكل ما جاء به الإسلام، والذي جاء ليحافظ على الملكات الخمس: الدين، والعقل، والنفس، والعرض، والمال. لقد حفظ الإسلام الدين بالأمر بالصدق والنهي عن الكذب. كما نهى عن الزنا، وأمر بالزواج، ودعا إلى حسن اختيار الزوجة الصالحة. أما فيما يتعلق بالمال، فقد دعا الله تعالى إلى كسب المال الحلال وإنفاقه.
كما دعا مدير الجامع الأزهر، كافة شرائح المجتمع إلى التحلي بالأخلاق الحميدة، مشددًا على ضرورة تقوى الرجال والنساء بالله في تربية الأبناء. أبنائهم، والسعي لبناء أسرة متماسكة، مؤكدا أن الأمة لن تتقدم ولن تنتصر إلا بالعودة إلى الأخلاق التي تحقق رضا الله عز وجل ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم. له.
وأوضح أن الإسلام يحفظ العقل، ويحذر من الاستهزاء بعقول الأفراد، مشيراً إلى ما يشهده المجتمع اليوم من تبني الأخلاق المنكرة، خاصة ما يفعله الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعو إلى الفسق والفجور، ونشر الأمور المحرمة التي من خلالها فهم يسعون إلى إفساد أنفسهم والمجتمع، وشددوا على أهمية العودة إلى القيم الأخلاقية السامية التي تتماشى مع المنهج الدراسي. الشريعة الإسلامية التي تعتبر ضرورية لبناء مجتمع متماسك وأخلاقي.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر